دقة - حياد - موضوعية

في سبيل الحق والوطن والإنسان / الأستاذ محمدٌ ولد إشدو

2018-02-13 01:00:46

في الذكرى السادسة لإطلاق موقعنا (ichidou.net)
في مثل هذه الأيام من شهر فبراير سنة 2012 تم إطلاق موقعنا  الالكتروني "إشدو.نت".

.

يومها كانت سماء الكون ملبدة بالغيوم والعواصف وترمي بالصواعق والنار والدمار: * كان الوحش الأمريكي - على بشاعته وضعفه النسبي- ما يزال متربعا على عرش العالم قطبا أوحد يصنع ما يشاء، وتسرح في ظله وتمرح دون رقيب أو حسيب أداته إسرائيل، وقد أطلق العنان لجحافل الإرهاب التكفيري الذي هو آخر ما تفتق عنه ذهنه المخبول من حيل خالها كفيلة بتحقيق دمار البشرية؛ وخاصة تلك الشعوب التي تتصدر التصدي له ومقارعته وأذنابه، والتي يسميها إسقاطا "قوى الشر". وكان أوباما غطاء ملونا ترتكب الإدارة الأمريكية الخفية الجرائم والآثام في ظله.


* وأوروبا راكعة عند أقدام أمريكا.
* وتركيا متآمرة تلعب على الحبلين.
* وروسيا والصين متحفظتان.
* وإيران معزولة.
* والعالم العربي والإسلامي والإفريقي الذي ننتمي إليه يغلي على كف عفريت: كانت ثورات مصر وتونس واليمن قد حول مسارها إلى جحيم أمريكي دعوه "الربيع العربي". ودمرت ليبيا وسوريا، واستبيح لبنان، واحتل الإرهاب العراق المحتل أصلا.. وعاث في الصومال ومالي ونيجيريا والنيجر وغيرها.. الخ.
* أما وطننا (موريتانيا) فكان قد أنجز لتوه مهمة كسر قيوده بسلاسة بهرت العالم حين أزاح الطغيان والجمود، وأنهى سيطرة السفارات الغربية والجيران على مقاليده، وقطع علاقاته مع إسرائيل؛ وطفق يخلق شروط نهضته، ويضع أسس إعادة تشييد ما أفسدته الحرب وزمر الفساد المتتالية؛ فأصبح - بسبب خياراته التحررية والإصلاحية- هدفا لجميع الأعداء الذين كرسوا جهودهم لإلحاقه بركب الدمار والفشل تحت أنبل وأجمل الشعارات الوطنية والدينية والإنسانية!
فما العمل إذن والحالة هذه؟ وهل يستطيع مثلنا ممن لا يملك إلا رأيه أن يظل صامتا، يرى وكأنه لا يرى؛ ويسمع وكأنه لا يسمع؟
كلا طبعا! فسلاح الموقف سلاح فعال في كل الظروف. ولذلك أثنى عليه الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه...» ثم "في البدء كانت الكلمة"!
تلك هي حكاية ميلاد هذا الموقع.
لقد ولد من رحم معاناة الوقوف في وجه العدو بكلمة الحق، والسعي إلى نشر ثقافة وطنية ديمقراطية مقاوِمة قواعدها الأساسية هي:
- التمييز الواضح بين العدو والصديق؛ والتركيز على العدو الرئيسي، ونبذ العنصرية والطائفية والجهوية والفئوية، حتى يكون الفعل واعيا ومنسجما مع اتجاه حركة التاريخ ومهمات المرحلة الاجتماعية ويخدم مصالح شعبنا وشعوب العالم وجزءا من نضالها ضد العدو المشترك.
- تثبيت البوصلة في الاتجاه الصحيح؛ وهو أن العدو الرئيسي للعرب والمسلمين وجميع شعوب العالم هو الامبريالية والصهيونية والإرهاب التكفيري، وأن القضية الفلسطينية تظل وتبقى هي قضية العرب والمسلمين وأحرار العالم الأولى. 
- دعم الإصلاح والتقدم في موريتانيا والمنطقة، ومقاومة جميع محاولات جرها إلى الفتن والاضطراب والفوضى والإرهاب.
وفي خدمة هذا الخط التحريري جاءت مجمل افتتاحياتنا ومقالاتنا وبحوثنا وتعليقاتنا ومختاراتنا مثل: "إننا نعيش في عهدكم اليوم مخاض إعادة تأسيس الجمهورية"، "لمصلحة من يتواتر هؤلاء على إشعال الفتنة في موريتانيا"، "وثارت مصر"، "إلى أحرار موريتانيا"، "نعم للحوار.. ولكن..."، "أصدقاء سوريا أصدقاء إسرائيل"، "العرب أمس واليوم وغدا"، "دفاعا عن الوحدة الوطنية المهدورة"، "الرحيل: لماذا، وكيف، وإلى أين؟"، "غزة بين النار والدولار"، "دموع التماسيح على الإنسان في شمال مالي"، "في قهوة أنفاس"، "قمة الانحطاط"، "تباشير الربيع العربي الصادق"، " نصر أكتوبر العظيم"، "شاهد على القهر"، "حتى لا تكون فتنة"، "رحلة الشتاء"، "ختامه نعل"، "قمة الإنصاف"، "إنه يوم تاريخي فعلا".. الخ.*
لقد بدأنا غرباء في ساحة الإعلام الهازل، ووضعت حولنا أكثر من علامة استفهام، وهوجمنا من طرف المعارضة والنظام معا، واتفق الطرفان على التضحية بنا في فتنة المقال المسيء التي أشعلاها بهدف تخلص كل منهما من الآخر. ولكن الله سلم.
نعم.. لقد كان من الصعب فعلا أن تورق الكلمة وتتمدد وتزهر في خضم الدم والألم وشراء الذمم؟ ومع ذلك "فإنها تدور" كما قال غاليليو!
تكفي نظرة بسيطة على حصيلة قراء الموقع التي ارتفعت من العشرات يوميا في البداية إلى ما يناهز خمسة آلاف يوميا ليصل العدد الإجمالي للمتصفحين في هذه الذكرى إلى زهاء مليونين. وإلى الخريطة الدولية التي تغيرت إيجابا، لنزداد ثقة وأملا وحبورا ورضا بأن جهدنا لم يذهب سدى، وأن المعسكر الذي اخترناه وراهنا عليه هو الذي ينمو ويتطور وله الغلبة والنصر في المستقبل:
1. لقد تقهقرت أمريكا وظهرت بوجهها الحقيقي (ترامب) وما عادت سيدة العالم؛ بل برزت في مواجهتها قوى أخرى، أهمها روسيا والصين، وبدأت أوروبا تبتعد عن محيط أمريكا حفاظا على مصالحها، وأوضح دليل على ذلك تمسكها بالاتفاق النووي مع إيران وانتقاداتها المتصاعدة لسياسات ترامب. وانتهت عزلة إيران ظهير المقاومة، وصارت قوة إقليمية يحسب لها حسابها، وتردّت تركيا في المستنقع الذي حفرته لسوريا!
2. صمد وانتصر معسكر المقاومة في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين، ونهضت مصر من كبوتها، وتصالحت تونس، ولم تسقط مالي، وقام تحالف دول الساحل وقوة ردعه المشتركة.
3. وفي موريتانيا فشلت كل محاولات زعزعة النظام وقلب مسار التحرر والإصلاح والبناء. فتجلت معالم النهضة والتغيير والعمران في جميع مجالات الحياة، ونجح الحوار، وألغي مجلس الشيوخ، وعدل العلم والنشيد، ويجري الاستعداد لانتخابات تشريعية وبلدية.. ورئاسية أيضا.
إن العقد الذي يربطنا بالقراء الكرام هو الالتزام وتبني ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، على ما سبق تفصيله.
فهنيئا لنا ولقرائنا بهذه الذكرى، وكل عام ومعركة الإنسان في تقدم ونماء.
________________

تابعونا على الشبكات الاجتماعية