دقة - حياد - موضوعية

ظلّ كومي يلاحق ترامب حتى إلى السعودية

2017-05-20 02:09:59

سابقت التسريبات الصحفية المحرجة، ومزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، طائرة الرئيس دونالد ترامب إلى السعودية التي دشّن فيها أول جولة خارجية له منذ تنصيبه.

.

وفور إقلاع الطائرة الرئاسية الأمريكية "أير فورس وان" إلى بلاد الحرمين، وجد الرئيس ترامب نفسه مرة أخرى في مواجهة تسريبات وإشاعات وتقارير وتحقيقات ومزاعم تتناول صلات مفترضة له بروسيا، ومحاولته التأثير على القضاء وتحقيقاته في الولايات المتحدة، من خلال أمره رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي، بوقف التحقيقات بشأن تورط مساعده السابق للأمن القومي مايكل فلين بعلاقات متشابكة الخطوط مع موسكو وسفيرها في واشنطن

وربما يكون أكثر ما يقلق ترامب في جولته الخارجية الأولى، هو إعلان رئيس لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عن قبول رئيس الـFBI المقال الإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ أواخر الشهر الجاري، وتقديم تقييمه الشخصي لمدى تأثير التدخل الروسي على الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة وفوز ترامب فيها، إذ الأخير يعرف أن كومي الذي أقاله يملك الكثير من الأسرار والألغاز وما يجري في الكواليس، وأن شهادته قد تفجّر فضيحة غير متوقعة، لا سيما وأن الرجل أصبح مسكونا بهاجس الانتقام بعد الإقالة المهينة له بأسبابها وتوقيتها، وما تبعها من تسريبات تتحدث عن وصف الرئيس له بالمجنون.

ويعتقد الخبراء والمتابعون، أن تداعيات قرار ترامب المتهور بإقالة كومي، ستتواصل وستتدحرج مثل كرة ثلج في منحدر جبلي، وإذا ما أضيف إليها مواقفه الصدامية مع الصحافة ووسائل الإعلام عامة، وميله إلى تجاهل الأعراف والسلوكيات التقليدية التي درج عليها أسلافه، فإن أركان رئاسته ستأخذ بالتزعزع يوما بعد آخر، وربما يصل الأمر بخصومه الدمقراطيين لطرح مبادرة لعزله إذا ما اعتقدوا أنهم قادرون على حشد التأييد الشعبي لها والأصوات الكافية في الكونغرس لتمريرها.

لا الاستقبال الحميم والحار الذي لقيه ترامب في الرياض، ولا تقدم الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، شخصيا لملاقاته عند سلّم الطائرة، ولا القهوة العربية المرّة التي قدّمت له، ولا الجياد العربية المؤصلة التي أحاطت بموكبه وهو في طريقه إلى الديوان الملكي في قصر اليمامة، جعلته ينسى ما ينتظره في واشنطن، وما يحاك له من مصائد وكمائن وعثرات في البلاد التي وصل منها للتو، لذلك بدا انشراحه مهجوسا بما تخفي له الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة، مع أنه يأمل بأن تساعده زيارته لقبلة المسلمين مع بقية برنامج قممه هناك على صرف الانظار عن الزلزال السياسي الذي أحدثه في واشنطن بإقالته مدير الاف بي آي والهزات الارتدادية التي ما زالت تتوالى فصولاً.

حتى مرافقة زوجته ميلانيا وابنته البكر ايفانكا وزوجها جاريد كوشنر وما لاقوه هناك من حفاوة وتكريم كرمى لعين الرئيس، لم ينس ترامب المتاعب التي تركها خلفه واحتمالات تضاعفها في غيابه المؤقت عن مكتبه البيضاوي الذي لم يتمتع بهناءة الجلوس مرتاح البال والفكر في أركانه وعلى مقاعده الوثيرة.

وإذا كان الحذر الشديد هو السمة التي حكمت العلاقة بين حكام دول الخليج العربية والرئيس الامريكي السابق باراك اوباما، فإن الملياردير الجمهوري الذي حشد له ومن أجله حكام عشرات الدول العربية والإسلامية للخطابة فيهم  في السعودية، يشكل ظاهرة تعكس الاختلاف في النهج بينه وبين سلفه ازاء ملفات المنطقة وما يأمل به حكامها منه وما يعولون به عليه.

وخلافا لكل اسلافه الذين كانوا يتبعون تقليداً يقضي بأن تكون اول زيارة خارجية لهم الى الجارة الشمالية كندا، او الجنوبية المكسيك، فان ترامب لم يجد غضاضة في ان يستهل رحلته الاولى من المملكة النفطية.

من شبه الأكيد أن ترامب سيستخدم دعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد إلى "شراكة استراتيجية جديدة" بين الولايات المتحدة والدول الاسلامية التي سيشارك العشرات من قادتها في قمة تستضيفها الرياض الاحد، للرد على منتقديه ومنتظريه عند كل مفرق وهفوة في واشنطن.

وبحسب فيليب غوردون الخبير في مجلس العلاقات الخارجية فإن ترامب "سيرسل رسالة اكثر حزماً بشأن ايران أمام الحكام العرب والمسلمين. ولن يلقي امامهم محاضرة عن الديموقراطية وحقوق الانسان وسيلقى التصفيق. لكن المسألة الاهم تبقى معرفة ما الذي سيطلبه منهم وما الذي يمكنه ان يأمل في الحصول عليه" لتحصين رئاسته ومقارعة خصومه.

ويدعو البيت الابيض باستمرار دول الخليج العربية الى انخراط اكبر في مكافحة ما يحرص ترامب على تسميتهم "الارهابيين الاسلاميين المتشددين".

وبحسب مستشار الامن القومي الامريكي الجنرال اتش. ار. ماكماستر فإن ترامب "سيشجع شركاءنا العرب والمسلمين على اخذ قرارات شجاعة لنشر السلام ومواجهة اولئك المنتمين، لتنظيم الدولة الاسلامية والقاعدة، الذين يزرعون الفوضى والعنف ويتسببون بآلام في العالم الاسلامي وخارجه".

والاحد سيلقي ترامب امام قمة يشارك فيها حوالى 50 حاكما  لدول إسلامية  وعربية خطاباً يشدد فيه على "آماله" بـ"نظرة مسالمة" للإسلام تناقض ما عرف به الإسلام الجهادي الذي وصل بجهاده إلى نيويورك قبل أكثر من 10 أعوام.

وكان سلفه اوباما القى قبل ثماني سنوات في جامعة القاهرة خطاباً دعا فيه الى "انطلاقة جديدة" بين الولايات المتحدة والمسلمين في العالم اجمع، "انطلاقة اساسها المصلحة المتبادلة والاحترام المتبادل".

ومن المتوقع أن تشكل زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية مناسبة للإعلان عن صفقات تسلح ضخمة، الامر الذي سيعطي في حال تحققه جرعة اوكسيجين مهمة للصناعة العسكرية الأمريكية، ويجعل خصوم ترامب في واشنطن يغرقون في غيضهم إلى حين.

وبحسب الخبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية "سي آي ايه" بروس ريدل، الذي يعمل حالياً محللاً لدى معهد بروكينغز، فإن "علامة الاستفهام الأكبر التي يجب أن لا تغيب عن بالنا هي إذا وقّعت السعودية عقودا قيمتها الاجمالية 100 مليار دولار فكيف ستسدد هذه الفاتورة في ظل اسعار النفط الراهنة؟".

وفي الواقع فإن الرياض حيث سيمكث ترامب يومين، قد تكون المحطة الأسهل للرئيس الأمريكي في هذه الجولة الحافلة بالمحطات والمواعيد واللقاءات الهامة.

ويتحدث البيت الأبيض كما الرياض عن رحلة "تاريخية" يقوم بها ترامب، في إشارة إلى محطاته في السعودية والفاتيكان واسرائيل والاراضي الفلسطينية، والتي سيتواصل خلالها مع قادة الديانات التوحيدية الثلاث الرئيسية.

وإضافة الى هذه المحطات الثلاث، فإن جولة ترامب الأولى ستقوده أيضاً إلى كل من بروكسل وصقلية حيث سيشارك على التوالي في قمتي حلف شمال الاطلسي ومجموعة الدول الصناعية السبع، في لقاءين سيسعى خلالهما حلفاء الولايات المتحدة لانتزاع تعهدات واضحة من الرئيس الأمريكي الجديد.

وبالإضافة الى توجهاته السياسية والدبلوماسية، فان سلوك الرئيس السبعيني الانفعالي سيكون في اول جولة له الى الخارج تحت المجهر،ولا سيما تلسكوبات خصومه في واشنطن، إذ ان كل كلمة سيتفوه بها وكل حركة سيقوم بها وكل تغريدة سينشرها ستلقى نصيبها من التمحيص والتحليل والانتقاد وربما ...الاتهام.

المصدر: RT

تابعونا على الشبكات الاجتماعية