قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن مقاربته ونظرته تجاه الرئيس السوري بشار الأسد، تغيرت كثيرا بعد هجوم كيماوي يعتقد أن القوات الحكومية نفذته على بلدة خان شيخون في ريف إدلب.
.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، عندما سئل عن رد فعله تجاه الهجوم الكيماوي: «مقاربتي ونظرتي للرئيس الأسد تغيرت كثيرا».
وقال إن الهجوم الكيماوي في سوريا «تجاوز خطوطا حمراء كثيرة بالنسبة إلي»، واصفا إياه بالهجوم المروع وغير المحتمل.
وتوعد ترامب بالتحرك ردا على هذا الهجوم، لكنه تحفظ عن ذكر الإجراءات التي سيتخذها.
وقال الرئيس الأميركي: «لا أريد ان أكشف طريقة تفكيري وتوجهاتي العسكرية بشأن سوريا». وكان ترامب قد صرح في وقت سابق ان هناك احتمالا لتغيير السياسة الأميركية في سوريا. وقال سترون ما سنفعله قريباً في سياق الرد على حزب الله في سوريا.
كما توعد ترامب بـ«تدمير» تنظيم داعش الإرهابي، موضحا «سندمر ذلك التنظيم ونحمي الحضارة الانسانية. لا خيار لدينا. سنحمي الحضارة».
بالمقابل أعلنت وزارة الخارجية الروسية ان الوزير سيرغي لافروف سيناقش مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون اثناء زيارته موسكو الأمن الدولي، بما يشمل سوريا، فضلا عن الأوضاع في أوكرانيا وكوريا الشمالية.
ويزور تيلرسون موسكو في 11 و12 نيسان.
وقالت وزارة الخارجية في بيان «انها قيّمت بايجابية جهود الإدارة الأميركية الجديدة لتحسين العلاقات» مع موسكو.
جلسة طارئة لمجلس الامن
انتهت جلسة طارئة مفتوحة لمجلس الامن الدولي حمّل خلالها مندوبو دول غربية النظام السوري مسؤولية القصف الكيميائي على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي. وأعلنت روسيا معارضتها لمشروع القرار، بينما لمحت واشنطن الى احتمال تحرك دول بصورة منفردة في سوريا بسبب عجز مجلس الأمن.
وبعد انتهاء الجلسة المفتوحة التي تحدث فيها ممثلو الدول الـ15 الأعضاء، تم الانتقال الى مشاورات مغلقة تسبق التصويت المرتقب على مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والذي يدين الهجوم الكيميائي على خان شيخون أمس، ويدعو الى محاسبة مرتكبيه.
وطلبت روسيا للمرة الثانية ارجاء التصويت على مشروع القرار الذي يدعم تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وقالت انها تعترض خصوصا على المادة الخامسة التي تطالب النظام السوري بتقديم بيانات بعمليات قواته الجوية في المنطقة التي شهدت الهجوم الكيميائي امس، وهددت روسيا باستخدام الفيتو في حال عرض القرار الاميركي البريطاني الفرنسي على التصويت. ونقلت وسائل اعلام روسية عن تقديم روسيا مشروع قرار جديد للتحقيق في القصف على خان شيخون. وقد عقد مندوبو الدول المشاركة في مجلس الامن اجتماعات مغلقة للتشاور فيما انتقدت الولايات المتحدة الموقف الروسي.
مناقشات الجلسة
وقد اتهم عدد من مندوبي الدول الغربية النظام السوري بالقصف الكيميائي على مدينة خان شيخون السورية، وأنه يحمل بصمات النظام السوري، في حين طلبت روسيا تأجيل التصويت على مشروع قرار أميركي بريطاني فرنسي يدعو إلى تحقيق دولي، ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم الذي أوقع أكثر من مئة قتيل وأربعمئة جريح.
وكانت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة طلبت إرجاء التصويت على مشروع القرار الغربي. واشارت الى أنها تعترض خصوصا على المادة الخامسة التي تطالب النظام السوري بتقديم بيانات بعمليات قواته الجوية في المنطقة التي شهدت الهجوم الكيميائي.
وقدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مشروع القرار ليتم التصويت عليه التصويت عليه في جلسة ثانية تعقد بعد الجلسة المفتوحة التي تحدث فيها مندوبو الدول الـ15 الأعضاء.
بيد أن روسيا سارعت إلى الاعتراض على المشروع، ووصفته المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بأنه غير مقبول بصيغته الراهنة. وأضافت أن مشروع القرار يحمل ما سمته طابعا عدائيا، ويمكن أن يقوض العملية التفاوضية، في إشارة إلى مفاوضات جنيف وأستانا. وقالت: الوضع الحالي في مجلس الامن ليس الا استفزازاً.
وفي وقت سابق قالت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة إن المشروع وُضع تحت ما يعرف بالإجراء الصامت الذي بموجبه تُعد صياغة المشروع نهائية ومعتمدة بحلول الوقت المحدد، ما لم يعترض أيٌ من أعضاء المجلس عليها.
ويشير مشروع القرار إلى إدانة الهجوم الكيميائي على خان شيخون بأشد العبارات، والمطالبة بمحاسبة مرتكبيه، ويدعم تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويطالب بالشروع في تحقيقات فورية مع فريق مشترك للأمم المتحدة.
كما يدعو الحكومة السورية وجميع الأطراف إلى التعاون بشكل كامل مع الفريق بتقديم كشوف بالطلعات والعمليات الجوية يوم الهجوم، وبأسماء القادة العسكريين المسؤولين، وتيسير الوصول إلى القواعد الجوية.
ويذكّر المشروع بما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 2118 بشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال انتهاك مواد القرار.
اتهامات للنظام
وقال المندوب الفرنسي إن هجوما كيميائيا وقع في خان شيخون بواسطة مادة كيميائية أقوى من مادة الكلور التي استخدمتها قوات النظام السوري في مرات سابقة. وأضاف أن مواد سُمّية ألقيت من الجو على المدينة الواقعة في ريف إدلب الجنوبي.
وتابع أن عدم معاقبة الرئيس السوري بشار الأسد على المجزرة التي وقعت في خان شيخون يقدم له رسالة بالإفلات من العقاب مستقبلا.
وردا على تصريحات روسيا باستهداف مصنع للأسلحة الكيميائية للمعارضة السورية في خان شيخون مما تسبب في تسرب مادة سامة، فنّد المندوب الفرنسي هذا الادعاء، وقال إنه لو تم استهداف مصنع كيميائي لوقع انفجار، ولكانت الأضرار كبيرة.
وانتقد المندوب حلفاء النظام السوري، وقال إنه يجب تقديم المسؤولين عن الفظاعات في خان شيخون وغيرها إلى العدالة، وشدد على ضرورة وقف ما سماها جرائم النظام السوري.
من جهته قال المندوب البريطاني إن الهجوم على خان شيخون وقع من الجو، ودام عدة ساعات. وأضاف أنه لا دليل يدعم ادعاء روسيا بأن الطيران الحربي السوري استهدف مصنعا كميائيا للمعارضة، مرجحا استخدام غاز أعصاب في الهجوم.
كما قال إن القصف الكيميائي على خان شيخون يحمل بصمات نظام الأسد، مؤكدا أن استخدام روسيا والصين حق النقض (فيتو) مرارا ضد مشاريع قرارات سابقة تندد بممارسات النظام السوري؛ شجعه على ارتكاب مزيد من الانتهاكات، داعيا الدول الأعضاء إلى دعم مشروع القرار الأميركي البريطاني الفرنسي.أما المندوب الصيني فقال إن بلاده تعارض استخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان، وأعلن تأييده بلاده تحقيقا عادلا تقوم به منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. كما دعا إلى مساءلة كل الأطراف الضالعة في استخدام هذه الأسلحة بسوريا، مشددا على أن التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية.
في نفس الإطار دعا المندوب الياباني إلى مساءلة المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سوريا، وأعلن أن بلاده تدعم إجراء تحقيق، وحث دمشق على التعاون مع البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
أما المندوب المصري فدعا جميع الأطراف إلى العمل مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قائلا إن بلاده ستدعم أي تحرك في مجلس الأمن للتعاطي مع ما حدث في خان شيخون، ومحاسبة المسؤولين عنه.
وتحدث المندوب عن ضرورة التصدي لخطر امتلاك غير الدول لأسلحة كيميائية، دون أن يتضح هل يؤيد بذلك ادعاء روسيا باستهداف مصنع كيميائي للمعارضة السورية في خان شيخون أم لا.
وفي بداية الجلسة المفتوحة طالب الممثل السامي لشؤون نزع السلاح في الأمم المتحدة كيم وون سو كل الأطراف السورية بتقديم الحقائق إلى بعثة التفتيش المشتركة.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن الزعم الروسي بأن مدنيين سوريين قتلوا في انفجار مستودع أسلحة كيماوية للمعارضة المسلحة أصابته طائرات حكومية غير معقول.
وأبلغ المسؤول رويترز بأن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن حكومة الرئيس بشار الأسد مسؤولة عن الهجوم الكيماوي الذي أودى بحياة العشرات.
وقال المسؤول معلقا على المزاعم الروسية «نرى أنها غير معقولة. لا نصدقها».
لافروف
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موقف موسكو من الرئيس السوري بشار الأسد لم يتغير.
وفي وقت سابق نفت روسيا مسؤولية الأسد عن هجوم بغاز سام وقالت إنها ستواصل دعمه مما يضع الكرملين على مسار أكبر صدام دبلوماسي حتى الآن مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأحجم لافروف عن القول ما إذا كانت الواقعة ستؤثر على علاقات روسيا بالولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش السوري نفى قطعيا شنه لقصف كيميائي على خان شيخون، قائلا في بيان رسمي إنه «لم ولن يستخدم تلك المواد في أي مكان أو زمان لا سابقا ولا مستقبلا».
بنود مشروع القرار ضد سوريا
وكشفت مصادر دبلوماسية أن مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي أمس، يقترح إدانة استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا ويلزم الحكومة السورية بالكشف عن عمليات طيرانها الحربي يوم الثلاثاء عندما وقع الهجوم على خان شيخون.
كما يطالب المشروع سوريا بتقديم أسماء قادة أسراب المروحيات التي شاركت في العمليات بنود مشروع القتالية في 4 نيسان إضافة إلى ضمان وصول المحققين الدوليين إلى القواعد الجوية السوري.
إيران ترفض المعايير المزدوجة
ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن طهران تدين بشدة أي استخدام للسلاح الكيميائي في سوريا بصرف النظر عن مسببيه وضحاياه.
ونقلت وكالة «تسنيم» عن الدبلوماسي الإيراني قوله إن هذه الحادثة المؤلمة لم تكن الأولى التي استخدم فيها السلاح الكيميائي خلال الأزمة السورية. وتابع قائلا: «نعتبر التعامل مع تلك الحادثة وفق المعايير المزدوجة والدعايات الموجهة القائمة على الأحكام المتسرعة واستغلالها كمادة للاتهام وكسب المواقف والأهداف السياسية لبعض اللاعبين، عقبة أمام التعامل الجذري مع هكذا ويلات».
واعتبر قاسمي أن الهدف وراء تلك الأحداث هو الإخلال بالعملية السياسية في سوريا ونسف الهدنة. وتابع أن طهران تؤكد على ضرورة مواصلة المساعي بغية تسوية الأزمة السورية سياسيا كما أنها تعتبر التأخر في فصل المجموعات الإرهابية عن المعارضة السياسية والمواجهة العالمية للإرهاب من الأسباب الرئيسية لمواصلة الأزمة السورية وتكرار مثل هذه المآسي.
المعارضة تنفي الرواية الروسية
ونفت المعارضة السورية رواية روسيا للضربة الكيميائية التي استهدفت أمس مدينة خان شيخون والتي زعمت أن المجزرة نجمت عن تسرب غازات سامة من مخزن أسلحة تابع للمعارضة قصفته طائرات النظام السوري.
وقال عبد الحكيم بشار نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض -في مؤتمر صحفي بإسطنبول- إن «هناك من يدعي أن النظام السوري قصف مستودعا للأسلحة، وهذا لا صحة له» مشيرا إلى وجود صور لما أحدثه قصف طيران النظام وصور للأطفال القتلى.
وطالب المعارض السوري بتقديم الرئيس بشار الأسد للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم تطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم تماثل تلك التي ارتكبت في البوسنة والهرسك، كما شدد على ضرورة محاكمة كل من له علاقة بهذه الجريمة «وكل المتورطين الذين أصدروا الأوامر والداعمين».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت اليوم إن التلوث بغاز سام في خان شيخون هو نتيجة لتسرب غاز من مستودع لـ الأسلحة الكيميائية تملكه المعارضة بعد أن أصابته ضربات جوية نفذتها قوات النظام السوري.
كما طالب بتطبيق الفصل السابع - الذي ينص على استخدام القوة العسكرية وفق قرارات الأمم المتحدة - على النظام السوري، متسائلا «إذا لم يطبق هذا الفصل في سوريا فأين يطبق؟».
مؤتمر بروكسل: إعمار سوريا رهن بالانتقال السياسي
من جهة اخرى، اختتم المؤتمر الدولي لدعم سوريا ودول الجوار أعماله مؤكدا على الدعم الإنساني وتأمين وصول المساعدات إلى المحتاجين، والانتقال السياسي دون الأسد.
وأكدت فيديركا موغيريني، الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي في ختام المؤتمر اليوم (أمس)، على ضرورة التركيز على العمل الإنساني في سورية وطريقة تأمين وصول المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن عملية إعادة الإعمار في سوريا لن تتم قبل انطلاق عملية سياسية شاملة وانتقال سياسي للسلطة بالتوازي مع العمل العسكري ضد داعش.
وأشارت إلى توفير دعم اقتصادي لدول الجوار السوري.
كما أشادت موغريني بمساعي المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وضرورة دعم محادثات جنيف حول الأزمة السورية.
وبخصوص الهجوم الكيميائي في خان شيخون، دعت موغريني إلى محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات للقانون الإنساني واستخدام الأسلحة الكيمائية على غرار ما حدث في إدلب، كما نددت باستخدام الأسلحة الكيمائية من جانب الحكومة السورية وداعش في سوريا.
من جهته شدد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، على ضرورة إنهاء الأزمة الإنسانية بأسرع وقت ممكن، منوها بأن المشكلة الأساسية هي تأمين وإيصال المساعدات.
ودعا صباح خالد أحمد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي إلى العمل المشترك للوصول إلى المحتاجين في سوريا ومساعدة الدول التي تتحمل أعدادا كبيرة من اللاجئين، مثل لبنان، تركيا، الأردن، «يتطلب إلى جانب العمل الإنساني، عملا تنمويا»، مشددا على أن «ينصب على طاولة المفاوضات الجهد والعمل على المنحى السياسي ووضع الشعب السوري».
الى ذلك، أكدت دمشق أن أنقرة استغلت جفاف نهر عفرين وأزاحت الأسلاك الشائكة التي تفصل الحدود إلى عمق الأراضي السورية لتقضم بذلك شريطا كاملا من الأرض السورية التي احتلت منها 15 كم مربعا.
وفي حديث أدلى به السفير السوري لدى موسكو رياض حداد لوكالة «نوفوستي» الروسية، قال: «أخطر ما يمارسه الأتراك على الأراضي السورية، يتمثل في خلق تنظيمين إرهابيين جديدين نسخة عن «داعش» و«جبهة النصرة».