التطورات الهائلة في تقنيات الذكاء الاصطناعي تثير مخاوف عديدة حول العالم؛ لأن البعض استخدمها في السطو على حقوق الشركات والأفراد الفكرية، ومن ثم فإن دخول الدول في هذا المعترك يؤدي إلى مخاطر الحروب الإلكترونية، كما هو حاصل بين الصين والولايات المتحدة حالياً.
.وتقدر بعض الدراسات حجم قرصنة الأفكار في العالم بنحو 75% من حجم تداول الإنتاج الفكري، بسبب أحابيل شبكات القرصنة وحيلها للهيمنة على الأفكار والاختراعات؛ وتعد دول شرق آسيا مصدراً رئيسياً لمعظم السلع والمصنفات الفكرية المقلدة التي يروَّج لها في الشرق الأوسط، وتتجسد على شكل منتجات مزورة؛ سواء فكرية مثل الكتب، أو تقنية مثل الأجهزة خصوصاً الهواتف المحمولة، أو ثقافية مثل الإصدارات التعليمية السمعية والبصرية.
ما القرصنة الإلكترونية؟
هي استخدام وسائل النسخ غير المشروعة لنظم التشغيل أو برامج الحاسب الآلي المختلفة، عن طريق بيع نسخ البرامج المقلدة في الأسواق، أو من خلال مواقع في الإنترنت خاصة لترويج البرامج المقرصنة مجاناً أو بمقابل مادي رمزي.
وكذلك السطو على حقوق المؤلفين، ونسخ كتبهم دون إذن من المؤلف أو الناشر، بهدف تحقيق أرباح سريعة.
وقد تعمد الشركات الكبرى للاستحواذ على اختراعات لأشخاص، أو شركات، أو مؤسسات، يتم من خلالها تطوير منتج معين، ومثال على ذلك الدعاوى الكبيرة بين شركتي "آبل" و"سامسونج".
وقد أدت القرصنة الفكرية بشكل عام إلى خسائر مادية كبيرة في الاقتصاد العالمي، وصلت إلى مئات المليارات من الدولارات، وقد قدر تقرير اقتصادي مستقل أجرته "لجنة دراسة القرصنة الفكرية" المستقلة الأميركية، خسائر الاقتصاد الأميركي بنحو 600 مليار دولار سنوياً، ويؤكد التقرير أن القرصنة على حقوق الملكية الفكرية الأميركية ما زالت تمثل تهديداً كبيراً للاقتصاد الأميركي، وتنعكس خسائر هذه القرصنة التي تقدر قيمتها بما يزيد على 250 مليار دولار في صورة؛ سلع مقلدة، وبرامج كمبيوتر منسوخة، وسرقة الأسرار التجارية التي يمكن أن ترفع التكلفة إلى 600 مليار دولار، بحسب تقرير اللجنة لعام 2017.
وذكرت اللجنة أن الصين ما زالت هي أكبر مصدر للقرصنة الفكرية في العالم بسبب سياستها الصناعية التي تعطي أولوية لكل من الاستحواذ على الابتكارات العلمية والتكنولوجية وتطويرها.
وبيَّن الأدميرال دينيس بلير، الرئيس المشارك للجنة، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أن "عمليات السطو الكبيرة على حقوق الملكية الفكرية الأميركية من الشركات والجامعات في مختلف أنحاء البلاد، من المعامل الأميركية إلى شركات الصناعات العسكرية، ومن البنوك إلى شركات البرمجيات، تهدد أمننا القومي وحيويتنا".
- القرصنة في الخليج
تشكل القرصنة في دول الخليج العربية حلقة من حلقات الاستنزاف الاقتصادي العالمي، وبحسب "رويترز" فإن من يرغب في شراء أفلام أو أسطوانات موسيقية أو برامج حاسوب رخيصة فعليه أن يتوجه إلى أسواق الخليج، حيث تتوافر السلع غير المرخصة رغم اتخاذ إجراءات صارمة للحد من القرصنة على مستوى المنطقة.
فكل ما يتعين على المرء أن يفعله في مدينة كالكويت مثلاً، هو التجول في متجر للسلع المميزة حيث يمكنه الاختيار بين عدة سلع غير مرخصة في جو مريح مكيف.
وفي مدينة دبي المجاورة التي تعد مركزاً لتكنولوجيا المعلومات في الخليج يمكن لمن يتجول في الشوارع أن يقتنص نسخاً من الأفلام المعروضة في هوليوود، ومنتجات وادي السليكون في الولايات المتحدة في أسواق مزدحمة.
وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" فإن أكبر سوق لبرامج الحاسوب في الشرق الأوسط موجود في السعودية، حيث يتوافر الكثير من السلع غير المرخصة.
وأدخلت حكومات المنطقة إجراءات لحماية حقوق الملكية الفكرية والحد من القرصنة، وتسعى حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لحماية اقتصاداتها الوطنية من خلال تعزيز مفاهيم حماية الملكية الفكرية ومكافحة القرصنة الفكرية بشكل عام؛ وقرصنة البرمجيات بوجه خاص، مساهمة في تعزيز ثقة الشركات المنتجة للبرمجيات التجارية في دول المجلس لإيجاد المناخ الملائم لدعم واستثمار صناعة البرمجيات.
وبحسب جريدة "الوطن" القطرية فإن الإحصاءات المتاحة من قِبل تحالف برامج قطاع الأعمال تشير إلى أن نسبة قرصنة البرامج في دولة قطر بلغت 50%، وهو ترتيب أقل بكثير من معدل قرصنة البرامج في الشرق الأوسط وأفريقيا، الذي يبلغ 58%، ونفترض من هذه الأرقام أن دولة قطر متقدمة بفارق كبير عن بلدان أخرى في المنطقة، ولديها استعداد جيد للتقدم إلى المستوى التالي للحماية من القرصنة.
مدير مركز حماية حقوق الملكية الفكرية في وزارة العدل القطرية، أكد التزام الحكومة القطرية وسعي المركز الحثيث لحماية الملكية الفكرية بشكل عام، مشيراً إلى أن "قرصنة البرمجيات تعد أحد أكبر التحديات التي يواجهها مجتمعنا المحلي وسائر دول العالم أيضاً".
وأضاف أن "الحكومة القطرية اتخذت موقفاً حازماً بشأن قرصنة البرمجيات وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وبدورها تأخذ وزارة العدل على عاتقها معالجة هذه المسألة عبر تكثيف العقوبات القانونية ضد هذه الانتهاكات، والعمل على زيادة الوعي حول الآثار السلبية لاستخدام البرمجيات المقرصنة".
كما حققت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدماً في مكافحة القرصنة الفكرية، وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة حققت أدنى معدل في مجال البرامج المستنسخة بنسبة قدرها 34%، لتنافس بذلك العديد من دول العالم المتقدمة.
وتؤكد جمعية منتجي برامج الحاسوب التجارية للشرق الأوسط أن دولة الإمارات تحقق نتائج جيدة في مجال تقليص معدلات انتشار القرصنة وأصبحت في مقدمة الدول في الشرق الأوسط التي تطبق قوانين مكافحة القرصنة.
(الخليج اونلاين)