على ضوء الجدل الدائر حاليا بين اللوائح المترشحة لقيادة نقابة الصحفيين الموريتانيين، فإنني أدعم المطالبات المشروعة للمترشحين، من خارج المكتب المنصرف للنقابة، بإنشاء هيئة إشراف يعهد إليها بمهمة تنظيم الانتخابات،
.بل وأعتبر أن ذلك ضروريا نظرا لتجربتي الطويلة مع النقابة والتي مكنتني من الاطلاع عن قرب على طبيعتها المافيوية. فقد كنت عضوا مؤسسا فيها، وفي المأمورية الحالية تم إدراج اسمي ضمن المجلس النقابي بطريقة ما ودون أن أطلب ذلك، وبعد فترة تم استدعائي لاجتماع ينتخب خلاله رئيس المجلس، وهنا كانت صدمتي كبيرة:
أولا: أعضاء المجلس لم يحضر منهم إلا الموالون مباشرة للمكتب التنفيذي،
ثانيا: كان هنالك قرار مبيت وجاهز بفرض رئيس للمجلس، وتمت تهيئة كل الأمور على ذلك الأساس.
افتتح أحد أعضاء المكتب التنفيذي الاجتماع مؤكدا أن هناك صحفي سبق وأن قبل التنازل عن الترشح لمنصب النقيب مقابل منحه رئاسة هذا المجلس، لذلك يجب تنصيبه مباشرة من طرف الحضور. الأمر الذي اعترضت عليه شخصيا مبررا ذلك بكون نقابة الصحفيين ينبغي أن تعطي المثال الأحسن، وأن لا تعود بنا إلى ممارسات بائدة ووقيحة من التزوير والغش. وبعد أخذ ورد قبل مسؤولو النقابة على مضض فتح مجال الترشح فترشحت أنا والزميل الولي ولد سيدي هيبه الي جائب مرشح النقابة، وتم التصويت مباشرة، وحسمت النتيجة بفارق كبير لصالح الأخير الذي تم انتقاء الحضور بدقة لفرضه، وبدأ مزاولة مهامه قبل أن يتقلد منصبا انتخابيا يتعارض مع تلك المهمة التي أوكلت هذه المرة للزميل ولد سيدي هيبه دون اتباع الاجراءات الضرورية لذلك.
ناهيك عن كون جل أعضاء هذه النقابة من الناشرين والمشغلين الذين يفترض ان تكون النقابة في صراع دائم معهم من اجل انتزاع حقوق الصحفيين والمحررين. هذا فضلا عن ازدواجية المعايير التي تنتهجها حتى في التعامل مع الراحلين والموتى. وقد يكون مفاجئا للكثيرين ان هذه الهيئة، التي جعلت من التأبينات أحد أولوياتها، لم تنظم حتى اليوم حفل تأبين لعميد الصحفيين الموريتانيين النجم التلفزيوني المعروف المرحوم أعمر ولد بوحبيني الذي عزفت عنه دون مبرر. ينضاف إلى ذلك أن أغلب المسجلين على اللوائح الانتخابية للنقابة هم من الصحافة العمومية وخاصة التلفزة الموريتانية مما يجعل التأثير على خياراتهم ممكنا وواردا.
إنها أمور، من بين أخرى، تفقد الصحافة الثقة في تسيير المكتب المنصرف للانتخابات المزمعة، أحرى إذا كان المكتب المذكور أحد المتنافسين فيها. وبالتالي فإن المطالبة بهيئة إشراف على هذه الانتخابات تظل مشروعة بل ضرورية حتى لا تبقى أهم هيئة صحفية في البلد مختطفة.