القدس العربي»: تعرف منطقة الكركرات على الحدود المغربية الموريتانية توتراً، يخشى ان يتطور إلى ازمة في العلاقات المغربية الموريتانية ومواجهات مسلحة بين المغرب وجبهة البوليساريو، في وقت تتصاعد المواجهات السياسية بين المغرب والجبهة في القارة الافريقية، بعد التحرك المغربي الدبلوماسي المكثف الذي يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس بدول شرق افريقيا وطلب عودة المغرب للاتحاد الافريقي.
.
وافادت تقارير نشرت بالمغرب ان كلا من المغرب وجبهة البوليساريو كثفا تواجدهما العسكري في منطقة الكركرات، حيث رفع الجيش المغربي جاهزيته إلى الدرجة القصوى بعد ظهور صور وأشرطة فيديو لزعيم الجبهة إبراهيم غالي في المحيط الأطلسي شمال لكويرة، ضمن ما تعتبره الجبهة بتفقده للمقاتلين المتمركزين في المنطقة الفاصلة بين المغرب وموريتانيا في الصحراء.
وقرأت المصادر التواجد العسكري للبوليساريو يعني «سيطرتها» على الحدود الفاصلة بين المغرب وموريتانيا على طول الجدار العازل حتى المحيط الأطلسي وذلك أمام صمت موريتانيا والمغرب والأمم المتحدة.
وبدأ التوتر بعد قيام المغرب بتطهير منطقة الكركرات، في آب/ اغسطس الماضي، من المهربين وتجار المخدرات وتعبيد الطريق اللفاصل بين نقطتي الحدود المغربية والموريتانية (3 كلم ونصف)، الا ان جبهة البوليساريو اعتبرت ذلك خرقاً لاتفاقية وقف اطلاق النار، كون المنطقة تقع خارج الحزام الأمني الذي اعتبر خطاً لوقف اطلاق النار 1991، ويعتبر المغرب المنطقة ارضاً محرمة فيما تعتبرها الجبهة مناطق محررة.
وفي ظل هذا التوتر نشرت الأمم المتحدة دوريات لمنع الاحتكاك بين الطرفين الا ان مصادر مغربية اتهمت هذه القوات بالانحياز لجبهة البوليساريو التي تمارس خرقا متواصلا لاتفاق وقف إطلاق النار أمام أعين بعثة الأمم المتحدة.
وتنتشر بالصحراء الغربية بعثة الأمم المتحدة (مينورسيو) بقرار من مجلس الأمن الدولي منذ 1991 بهدف مراقبة وقف طلاق النار وتنظيم استفتاء للصحراويين لتقرير مصيرهم في دولة مستقلة او الاندماج في المغرب، إلا ان مقاربة كل طرف للكتلة الناخبة ادى إلى عدم تنظيمه وتقدم المغرب رسمياً في 2007 بمبادرة بديلة لحل النزاع بمنح الصحراويين حكما ذاتيا تتمتع هيئاته المنتخبة بسلطات واسعة تحت السيادة المغربية، الا ان جبهة البوليساريو تصر على اجراء الاستفتاء للوصول إلى دولة مستقلة بالمطقة.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اول امس الخميس، تعيين عسكري صيني قائداً للبعثة وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام، فرحان حق، إن «اللواء وانغ شياو جون (من الصين) سيخلف الباكستاني لواء محمد طيب عزام (يتولى المنصب منذ أواخر 2015) والذي انتهت فترة ولايته اعتباراً من الأربعاء السابع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري».
وأضاف أن اللواء شياو جون سيجلب معه إلى المنصب خبرات عسكرية تمتد لأكثر من 40 عاما؛ حيث شغل منصب الملحق العسكري في سفارات الصين بكل من البرازيل والهند والسويد والولايات المتحدة في الفترة من 2006 وحتى عام 2016.
وقال عبد الفتاح الفاتحي الخبير المغربي في شؤون الساحل والصحراء، إن « البوليساريو تمارس خرقاً متواصلاً لاتفاق وقف إطلاق النار أمام أعين بعثة الأمم المتحدة التي بعثت بأكثر من تقرير إلى الأمم المتحدة وتم على ضوء تقاريرها تلك، عقد مجلس الأمن الدولي أكثر من اجتماع خلص فيه إلى وجود خرق للاتفاق من كلا الطرفين.
ونقل موقع اليوم 24 عن الفاتحي أن «البوليساريو مؤخراً كرست واقع اختراق اتفاق وقف إطلاق النار وهي تتمادى في ذلك يوماً بعد يوم، وأنها بذلك تسعى إلى تغيير الوضع القائم في الصحراء». واعتبر المحلل السياسي المغربي أن «مجلس الأمن فسر تحرك المغرب ما وراء الجدار بأنه تغيير للوضع القائم وهو بذلك خرق للاتفاق العسكري، كما أن جبهة البوليساريو وهي تحرك قواتها العسكرية على طول المنطقة العازلة هو الآخر خرق لاتفاق إطلاق النار».
وقال ان التحركات الأخيرة لزعيم البوليساريو وبعض جنود الجبهة قرب الأطلسي تعد «خرقاً واضحاً تتمادى فيه الجبهة يومياً، فيما لم تقم بعثة المينورسو بدورها في حماية شروط وقف إطلاق النار، وأن «بعثة المينورسو تتواطأ بشكل مقصود مع البوليساريو لفرض واقع جديد على الحدود المغربية الموريتانية حيث لم يكن هناك تواجد للبوليساريو».
وعلى صعيد العلاقات الموريتانية المغربية على ضوء تطورات أزمة الكركرات تصف الأوساط المغربية الموقف الموريتاني بـ «الغموض» وتتساءل عن مدى التزام نواكشوط بموقف الحياد. وتعتقد هذه الأوساط ان موريتانيا نجحت في تحقيق هدف خطط له بعناية، أن يكون هناك فاصل بين بلاده والمغرب وأراد ان يكون هذا الفاصل جبهة البوليساريو.
واستندت هذه الأوساط إلى تقرير لصحيفة انباء انفو الموريتانية والقريبة من الأوساط الحاكمة ينفي وجودًا لحدود برية بين موريتانيا والمغرب ويثبت على الأرض اعتراف حكومة نواكشوط بالبوليساريو وهي تلتزم الصمت معتبرة ان كل ما تقوم به الجبهة بمنطقة الكركرات لا يعنيها.
وكانت الدولة المغربية حريصة عند بدء أزمة الكركرات على الإدلاء بتصريحات وإصدار بيانات للرأي العام، ولكنها مع التطورات المقلقة حالياً، تفضل الصمت في ملف تصنفه بالقضية الوطنية الأولى.