«القدس العربي»: تابعت بعثة من لجنة الأمم المتحدة الفرعية للوقاية من التعذيب أمس في نواكشوط اتصالاتها على المستوى الرسمي وعلى مستوى المجتمع المدني لتقييم الجهود التي تبذلها الحكومة الموريتانية في مجال الوقاية من التعذيب.
.
وعقدت البعثة خلال اليومين الأخيرين جلسات عمل مع كل من وزير العدل في الحكومة الموريتانية والمفوض الحكومي لحقوق الإنسان ورئيس وأعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، حيث ناقشت معهم واقع التعذيب في موريتانيا والإجراءات القانونية والإدارية المطبقة في موريتانيا لوقف ممارسات التعذيب.
ويتضمن برنامج البعثة التي ترأسها كاترين بولات، كذلك مقابلة عدد من القضاة ومسؤولي النيابة بنواكشوط، وأعضاء الهيئة الوطنية للمحامين في موريتانيا، إضافة الى عدد من ممثلي المجتمع المدني.
وسترسل البعثة في نهاية زيارتها التي ستختتمها يوم الجمعة المقبل، تقريراً إلى الحكومة الموريتانية عبر لجنة الأمم المتحدة الفرعية للوقاية من التعذيب، على أن يبقى التقرير قيد السرية ما لم تقرر حكومة نواكشوط نشره للعموم.
وأعربت كاترين بولات رئيسة بعثة الأمم المتحدة التي تزور موريتانيا والمؤلفة من أربعة خبراء في تصريح أدلت به قبل وصولها إلى نواكشوط «عن دعم الأمم المتحدة وتشجيعها لتأسيس الآلية الوطنية الموريتانية للوقاية من التعذيب».
وقالت «نعتبر الخطوات التي تمّ اتخاذها في موريتانيا إيجابية للغاية ونحن نتطلع إلى تقديم المشورة إلى كل من الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والحكومة وجميع أصحاب المصلحة في موريتانيا، حول الشروط والإجراءات اللازمة لضمان حسن سير عمل هذه الهيئة».
وتُعتبر موريتانيا ثاني دولة في شمال أفريقيا تنشئ آلية وطنية للوقاية من التعذيب مكلفة برقابة أماكن الاحتجاز لمنع ممارسة التعذيب. وصادقت موريتانيا على البروتوكول الدولي الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، في تشرين الأول/أكتوبر 2012.
وأقر البرلمان الموريتاني في آب/أغسطس 2015 قانون مناهضة التعذيب الناص على تأسيس آلية وطنية للوقاية من ممارسته، وسط أحاديث لهيئات حقوقية محلية عن تعرض أشخاص للتعذيب في مراكز للشرطة، وعن إخفاء قسري لعدد من السجناء.
وصنف القانون الجديد ممارسة التعذيب جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، ونص على عقوبات تصل أحياناً إلى الحرمان من الحقوق المدنية، والسجن المؤبد ضد ممارسي التعذيب من المنتسبين لقوات الأمن أو الجيش أو ممن يحملون صفة عمومية أو يتقلدون وظائف حكومية. ونص القانون الجديد كذلك على عقوبة تصل السجن عشرين عاماً في حق كل من يعتقل شخصا موقوفاً أو مداناً في مكان أنه مكان اعتقال غير محدد بالقانون.
وأسست الحكومة الموريتانية في إطار التزاماتها في البروتوكول، هيئة رقابة معروفة رسمياً باسم الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب يوم 30 أيلول/سبتمبر 2015. وعين الرئيس الموريتاني رئيس الهيئة وأعضاءها الــ12 بمرسوم رئاسي تمّ نشره في نيسان/أبريل 2016. وتعنى الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بمراقبة أوضاع السجون وأماكن الاعتقال المختلفة، وتتشكل الهيئة الإدارية للآلية، من ممثلين لنقابات المحامين والأطباء، ومنظمات المجتمع المدني وأساتذة الجامعة، وتتمتع بصلاحيات واسعة في مجال مكافحة التعذيب والوقوف في وجه ممارسيه.
وأكد رئيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب الدكتور محمد الأمين ولد حلس في تصريح أخير له «أن هذه الآلية تختص بالقيام بزيارات منتظمة، مبرمجة أو مفاجئة، دون إشعار وفي أية لحظة إلى الأماكن كافة حيث يوجد أو يمكن أن يوجد أشخاص محرومون من الحرية، بغية الاطلاع على ظروف المعتقلين والتأكد من أنهم لم يتعرضوا للتعذيب وغيره من أنواع العقوبة أو المعاملات القاسية أو اللاإنسانية أوالمهينة وذلك تطبيقاً للوائح والانظمة الداخلية للآلية».
وقال «إن الآلية تختص باستعراض وضعية الأشخاص المحرومين من الحرية الموجودين في أماكن الاحتجاز بصفة منتظمة، بغية تعزيز حمايتهم، عند الاقتضاء ضد التعذيب وغيره من صنوف العقوبة أو المعاملات القاسية».
وأضاف «أن الآلية تتلقى شكاوى ومزاعم التعذيب وغيره من أنواع العقوبة أو المعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي تقع في أماكن الاحتجاز وتتولى التحقيق في هذه الحالات وإحالتها إلى السلطات الإدارية والقضائية المختصة وإبداء الرأي حول مشاريع القوانين والنظم المتعلقة بالوقاية من التعذيب والممارسات المهينة وصياغة التوصيات بغية الوقاية من التعذيب وغيره من أنواع العقوبة أخذا بعين الاعتبار للقانون المنظم لسير الآلية وطبقاً لمعايير منظمات الأمم المتحدة في هذا الصدد».
ونظراً لحساسية المهمة المنوطة بالآلية، أوضح الدكتور محمد الامين ولد حلس أن أعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب يتمتعون بالحصانة والامتيازات الضرورية لممارسة وظائفهم»، مشيرا إلى «أن الاعتداء على عضو في الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب أو إعاقة ممارسة وظائفه أو وظائف أي شخص يطلبه هو بمثابة اعتداء أو تدخل ضد قاض أثناء ممارسة وظائفه، ويعاقب طبقاً للتشريعات المعمول بها كما لا يمكن أن يتابع أعضاء الآلية أو الأشخاص المطلوبين من قبلهم، أو يبحث عنهم أو يوقفوا أو يحتجزوا أو يحاكموا بسبب آراء أو تصرفات قاموا بها أثناء ممارسهم لوظائفهم، وحتى بعد اعتزالهم لممارسة هذه الوظائف».