دقة - حياد - موضوعية

رحيل الصديق.. وجع لا يُحتمل/سيدي محمد متالي

2025-06-24 15:29:17

رحل عن دنيانا الفانية صديقي العزيز، رفيق دربي، وعيبة سري، ذلك الذي اخترته صاحبا ورفيقا على مدى ثلاث سنوات من العمل والمعاشرة في العاصمة الاقتصادية نواذيبو، فكان نعم الصاحب ونعم الأخ ونعم الرجل.

 

ذات مساء، حين هاتفته على غير ميعاد، ثم التقينا على مقربة من مقر "بانك GBM"، تكررت الصدفة التي كثيراً ما كانت تسكن اللقاءات معه؛ رأيت فيه أحمد كما عهدته أول مرة، في شوارع مدينتنا الوديعة المذرذره، ذات مساءات منتصف السبعينات، طفلًا يركض خلف الطفولة، ثم شابًا نقي السريرة، صافي النية، صلب العزيمة، هادئ الطبع حاضرة النكتة.

 

لم يتغير فيه شيء سوى ذلك الشيب، الذي بدأ يغزو مفرقه ووجهه شيئًا فشيئًا، وكان ينظر إليه لا كعلامة فناء، بل كندبة على ظهر الزمن. لم يكن يخشاه على نفسه، بقدر ما كان يخشاه على من يحبهم؛ كان يحمل الهم عنا جميعا، يخفي أوجاعه خلف ابتسامة الصابرين، ويمنح من وقته وروحه ما يفوق ما يملك.

 

هو أحمد بن الزغمه، تلك السيدة الجليلة، صديقة والدتي، رحمھما الله  وطيب ثراهما. 

 

في أحمد، كانت تتجلى طباع السلف الطيب: تواضع بلا ضعف، ذكاء بلا مكر، ووفاء لا يعرف التبدل ولا التلون. عاش كريماً، ومات كريماً، ولم يلوث روحه غبار المناصب، ولا صخب الحياة.

 

يا أحمد، قد نزل خبر رحيلك علينا كالصاعقة.. لكن عزاءنا فيك أنك رحلت وأنت مبرور السيرة، محمود السيرة، مذكور بالخير، وموفور الحب في قلوب من عرفوك. لقد كنت الابن البار، والزميل الصادق، والمربي الأمين، ورفيق الغربة الذي يُستأنس به في وحشة الطريق.

 

اللهم اجزه عنا خير الجزاء، وبارك في أهله، سيمي أبويه، إبراهيم، إخليل، والزغم، وارحم من سبقهم وبارك في من بقي.

اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، وبلّغه مقاما عليا مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

 

إنا لله وإنا إليه راجعون..

ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، فالحزن ساكن، والدعاء موصول، والذكرى باقية.

 

 

تابعونا على الشبكات الاجتماعية