نواكشوط– “القدس العربي”:
شهدت موريتانيا خلال وسط وآخر الأسبوع المنصرم لقاءات دبلوماسية وعسكرية مكثفة ولافتة، بينها لقاءات جماعية بين سفراء الدول الغربية بالوزير الأول الموريتاني وبوزير الخارجية، وكذا لقاءات لمسؤولين عسكريين موريتانيين مع آخرين من الجزائر ومصر.
وربط مراقبون هذه اللقاءات بقضيتين: أولاهما استقصاء أوروبي لنتائج زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لموريتانيا في شهر فبراير/ شباط الماضي، والأخرى القلق العام الناجم عن فرار سجناء سلفيين موريتانيين.
وعقد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في موريتانيا السفير غويليم جونز، الجمعة، لقاء مع الوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال؛ وقد أكدت الوزارة الأولى الموريتانية في إيجاز لها أن اللقاء بحث “علاقات التعاون المثمر بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي وسبل تعزيزه وتطويره، إضافة لمناقشة جملة من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
ولوحظ تكثيف الدبلوماسيين الغربيين المعتمدين في موريتانيا للقاءاتهم مع مسؤولين موريتانيين، عقب الزيارة الروسية “المزعجة” لحكوماتهم، الشهر المنصرم.
فبعد مقابلات انفرادية أجراها سفراء وممثلو الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، وألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، واليابان، مع وزير الخارجية الموريتاني أجرى السفراء أنفسهم بشكل جماعي لقاءين مع الوزير ولد مرزوق.
وذكرت وكالة “الأخبار” الموريتانية “أن الدبلوماسيين الغربيين طالبوا موريتانيا باطلاعهم على أجندات زيارة رأس الدبلوماسية الروسية لنواكشوط الشهر الماضي”.
وكان وزير الخارجية الروسي قد أكد في اليوم الموالي لمغادرته لنواكشوط خلال مؤتمر صحافي بالخرطوم “أنه علم بأن دبلوماسيين أوروبيين زاروا نواكشوط بعد مغادرته لها، فيما حل مسؤول أوروبي كبير في جنوب إفريقيا عقب مغادرته لها أيضا، معلقا بقوله: “لكأنهم يتتبعوننا”.
وضمن هذا الحراك العسكري والديبلوماسي المكثف، التقى وزير الدفاع الموريتاني حنن ولد سيدي، الجمعة بسفير جمهورية مصر العربية في موريتانيا، خالد يوسف، مصحوبا بالملحق العسكري المصري المعتمد في موريتانيا والمقيم في الجزائر، كما عقد السفير والملحق ذاتهما اجتماعا مع قائد أركان الجيوش الموريتانية الجنرال بله شعبان.
ولا يستبعد أن يدخل هذا اللقاء ضمن حيثيات تنفيذ اتفاق وقعته موريتانيا ومصر مستهل فبراير الماضي، يتعلق بإرساء تعاون يغطي مختلف مجالات التعاون، بما في ذلك التدريب والتعليم واللوجستيك والمجالات العلمية والتكنولوجية.
وفي نطاق هذا الحراك الذي شهدته العاصمة الموريتانية هذه الأيام، قابل الجنرال المختار بله شعبان قائد الأركان العامة للجيوش الموريتاني الملحق العسكري الجزائري المعتمد في موريتانيا العقيد رشيد مصطفاوي، وتحدثت مصادر صحافية عن احتمال أن تكون موريتانيا تسعى للاستعانة بخبرة الجزائر في عمليات الملاحقة المتواصلة للإرهابيين الفارين.
ورأباً للتصدع الناجم عن نفور عدد من دول الساحل من التعاون العسكري مع فرنسا، أدى رئيس الأركان الفرنسية الجنرال تييري بورخارد السبت زيارة لموريتانيا التقى خلالها رئيس موريتانيا ووزير دفاعها ونظيره الموريتاني الفريق المختار بله شعبان.
وبينما لم تعلن تفاصيل ما بحثه المسؤول العسكري الفرنسي مع الرئيس الموريتاني، أوضح بيان للجيش الموريتاني أن مباحثات رئيس الأركان الفرنسي مع نظيره الموريتاني، تندرج في إطار تعزيز العلاقات العسكرية الثنائية بين البلدين الصديقين، وسبل تطويرها”.
وأكد رئيس الأركان الفرنسي في عرض قدمه أمام طلاب كلية الدفاع التابعة لمجموعة دول الساحل الخمس “على ضرورة تنمية شراكة استراتيجية وتعاون عسكري بين فرنسا والدول الأعضاء في مجموعة الخمس في الساحل وغيرها من الدول الافريقية على المستويين الإقليمي والثنائي بشكل يستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة”.
وقال “إن تلك الاستراتيجية يجب أن تكون متوازنة وتقوم على أساس التبادل بين فرنسا والدول المعنية”، مؤكدا على “محورية الدور الذي يمكن أن تلعبه كلية دفاع مجموعة دول الساحل الخمس في هذا المجال”.
وأضاف أن “وجود جاليات إفريقية كبيرة وأعداد معتبرة من الطلاب الأفارقة في فرنسا يؤكد عمق العلاقات التاريخية بين فرنسا وإفريقيا التي كان لها عبر التاريخ دور هام في تعزيز علاقات التعاون والتبادل بين القارتين الأوروبية والأفريقية”.
وأكد رئيس الأركان الفرنسية “استعداد بلاده لتعزيز تعاونها على المستويين الثنائي والإقليمي مع الدول الإفريقية في المجالات كافة وخاصة في المجال العسكري”.
وتحرص فرنسا، وفقا لمصادر مطلعة، إلى تعويض ما خسرته مؤخرا من تموقعات عسكرية لها في الساحل وبخاصة في مالي وبوركينافاسو البلدين اللذين طردا جيشها وألغيا اتفاقياتهما العسكرية معها، وذلك عبر علاقاتها مع موريتانيا التي أكد الرئيس الغزواني الرئيس الدوري الحالي لمجموعة الساحل، متانتها في مقابلة أخيرة له مع قناة “بي. بي. سي”.