دقة - حياد - موضوعية

اختلاف التحرير عن التوثيق....رأي قانوني

2016-01-24 02:42:58

 ما إن صدرت التعديلات الأخيرة للمدونة التجارية، حتى استشاط بعض استاذتنا الموثقين غضبا، و صبوا جام غضبه معلى السلطتينالتنفيذية و التشريعية، معتبرين أن ما أقره المشرع بخصوص تحرير العقود بمقتضى المادة 116 (مكررة) من المدونة التجارية فيه تجن على اختصاص الموثقين،

.

وللتوضيح أردنا بحث الموضوع وإنارة الرأي العام حول الخلط بين مفهومي التحرير و التوثيق الذي وقع فيها السادة الموثقون. و إجلاء لكل لبس، فسنتناول المعنى اللغوي والقانوني للكلمتين لنوضح من خلال ذلك أن الرابط بين التوثيق و التحرير رابط عام بخاص بمعنى أنه لا يوثق إلا محرر بينما بالإمكان التحرير دون التوثيق. فنقول و بالله التوفيق، التوثيق مصدر وثَّقَ ومعناه الغوي الإشهاد وثَّق الأمرَ: أحكمه ، قوّاه وثبّته وأكّده ...واصطلاحا يعني عملية فَنّية لتسجيل المعلومات حسب طُرُق عِلْميّة و قانونية متّفق عليها، بحيث يكون التصرف الموثق موضع ثقة و هذا المعنى يجسد ما أراده المشرع بمقتضى المادة الأولى من القانون019-97 بتاريخ 16 يوليو 1997 المتضمن النظام الأساسي للموثقين التي تقول " الموثقون هم مأمورون عموميون مكلفون باستقبال العقود و التصرفات التي يريد الأطراف إعطاءها الصفة الرسمية المميزة لأعمال السلطة العمومية و كذلك لإثبات التاريخ و حفظها..."ونعتقد أن هذا النص الواضح لا يحتاج إلى تأويل. أما لفظ التحرير فمصدر حرَّرَ و معناه إفراد الشيء عن غيره و يأتي بعدة معان منها حَرَّرَ الكِتابَ أي أَصْلَحَهُ و نقحه وَحَسَّنَ خَطَّهُ ، جَوَّدَهُ(معجم المعاني ) و اصطلاحا هو عملية بحث الجوانب التي يمكن أن تطال موضوع ما، بحيث يجد المتناول له من خلالها وضوحا يشفي غليله، و لن يـأتى له ذلك إلا إذا فك المحرر التشابك بين المسائل و توضيح الغامض منها. ولما كانت العقود و التصرفات القانونية تتناول حقوق الأشخاص طبيعية كانت أم اعتبارية، كان لزاما على المشرع أن يحيط تحريرها بقدر من الدقة و الأمان، حماية لحقوق المستثمرين الوطنيين و الأجانب و من هذا المنطلق اسند مهمة تحرير كافة العقود التي يوجب القانون توثيقها للمحامين الممارسين فقط و ذلك بموجب المادة 116 مكررة من المدونة التجارية التي نصت على ما يلي "تحرر كافة العقود المتعلقة بالأصل التجاري و كذا رفع اليد بخصوص الرهن الحيازي و العقود التي يفرض القانون ابرامها بواسطة عقد موثق، من طرف محام ممارس، باستثناء تلك المبرمة من طرف الدولة و المجموعات المحلية...." ، مواكبا بذلك ما توصلت له تشريعات عربية و افريقية مجازرة(تونس و السينغال مثلا)، الأمر الذي لم يرق لبعض أساتذتنا من الموثقين لدرجة أن بعضهم لم يستقبل تصرفات حررت من طرف محامين، ناسيا أو متناسيا أن القانون ألزمه بتقديم خدماته متى طلب منه ذلك. ومن باب المصارحة أود أن أذكر المتحاملين على نص المادة 116 مكررة من المدونة التجارية أنه منذو30 نوفمبر 2015 تاريخ صدور عدد الجريدة الرسمية رقم 1348 مكرر المتضمن التعديل الأخير على القانون التجاري، فإن جميع العقود المنصوص عليها بمقتضى المادة الثانية من المرسوم 99-130 بتاريخ 06 نوفمبر 1999 يجب تحريرها من طرف محامين ممارسين، وإلا فإنها عرضة للبطلان. و بالتالي فيجب علينا توخي الحذر حتى لا نضع حقوق الآخرين في مهب الريح... الأستاذ أباه ولد امبارك محام لدى المحاكم

تابعونا على الشبكات الاجتماعية