تابعت في الاسبوع قبل الماضي البيان الذي قدمه معالي وزير التنمية الريفية السيد الدي ول الزين، حول حزمة الاجراءات المتخذة في مجلس الوزراء الملتئم يوم 25 يونيو 2020 ، و لاشك ان هذه الاجراءات ستعطي دعما جديدا لهذا القطاع الاستراتيجي من اجل الوصول للاكتفاء الذاتي في محصول الارز في وقت قريب، وللسيادة الغذائية في جميع المحاصيل.
.
و قد استوقفتني بعض هذه الاجراءات والتي ظلت مطلبا لاطر و فنيي و بعض الاتحاديات الزراعية في القطاع .
و من ابرز و اشجع هذه التدابير في الزراعة المروية :
- تحديد الجدول الزمني لكل حملة زراعية، وهو ما سيقضي على التداخل بين حملتي الخريف و الصيف و صعوبة الدخول في الحملة الجديدة نتيجة عدم اكتمال نضج محصول الارز ، نظرا لتأخر في مواعيد البذر في الحملة الماضية.
و من المتوقع من هذا الاجراء زيادة المساحات المزروعة خلال كل حملة ، فضلا عن تأمين الحصاد في الوقت المناسب ، كما سيخفف من ضغط الآفات الزراعية وخاصة الطيور آكلة الحبوب.
و سيستثني من خالف هذه المسطرة من الاستفادة من التسهيلات المبرمجة خلال الحملات الزراعية ، مثل دعم اقتناء الاسمدة و مبيدات الحشائش الضارة و من العلاوة الجديد المقرر بعد الحصاد و المرتبطة باحترام المسطرة الفنية للانتاج.
و سيتم البدأ بتطبيق هذا الاجراء اعتبارا من الحملة الصيفية القادمة ، حيث ان آخر يوم للبذر سيكون يوم 15 فبرائر، بالنسبة للحملة الصيفية و 15 اغسطس بالنسبة للحملة الخريفية؛
- توحيد تسعرة دعم سماد اليوريا urée لكافة المزارعين % 50 , و زيادة دعم الاسمدة المركبة DAP الى % 60، لحفز المزارعين للزيادة في استعمالها لما لها من اهمية في تكوين الحبوب و ملئها لزيادة وزن الف حبة PMG؛
- احداث علاوة تشجيعية مقررة بعد الحصاد و مرتبطة باحترام المسطرة الفنية للانتاج، وهو اجراء تحفيزي ، يهدف الى خفض الكلفة الباهظة للطاقة في انتظار ربط الضفة بالكهرباء ، و هو ما يعرف بربط مناطق الانتاج بالكهرباء. مما سيخفض لا محالة كلفة الانتاج.
و قد حدد هذا الدعم ب 30 الف اوقية للهكتار ، لمن إلتزم بالمسطرة الزراعية المعروفة فنيا ، من احترام للجدول الزمني، و اقتناء للبذور الجيدة و اتباع طرق التسميد و احترام مقاديرها و مكافحة للحشائش الضارة؛
- زيادة الكمية المخصصة من المبيدات الضرورية لمكافحة الحشائش الضارة ، لاستفحال ظاهرة عزو هذه الحشائش لكثير من المزارع. الا انه من الضروري ضبط توزيع و استعمال هذه المبيدات لما لها من خطورة على الصحة العامة؛
- مراجعة شاملة لنظامنا الخاص بتمويل القطاع الزراعي " القرض الزراعي" و اجراء التحسينات الضرورية لمواكبة هذا النظام للتطورات المتسارعة التي شهدها و يشهدها القطاع من تنويع و تكثيف في الحقل الزراعي؛
- تنظيف الروافد المهمة لنهر السنيغال لضمان انسيابية مياه الري، كرافد اعوبج في منطقة اركيز؛
- اعادة استصلاح بعض المزارع الكبري كمزرعتي بوكي و اركيز.
- منع او على الاصح عدم اعتبار ما يعرف "بري بقايا انقاض المحصول السابق" repousse ، كزراعة تستفيد من الاسمدة .وهو قرار صائب لما في العملية من اتكالية و تبذير للمال العام و عدم اعطاء اهمية للبذور.
فالبذور رغم اهمالها من طرف المزارع ، تبقي هي المكون الاول و الاهم في رفع الانتاجية.
و هو ما يجب ان يعيه المزارع الذي يلجأ دوما الى بذور مجهولة المصدر ، و اللجوء الى ري بقايا المحصول السابق ، للقيام بزراعة اخري على انقاض زراعة الخريف او الصيف و ذلك نتيجة لتعذر الالتزام بالوقت المحدد للبذر.
وقد شاركت مع بعض اطر القطاع و ممثلي المزارعين منذ اشهر و باشراف مباشر من معالي الوزير ، على و ضع خطة لنهوض بشعبة قطاع البذور و تحديثها .
واعتفد جازما، ان هذه الخطة لو طبقت لاستطعنا توفير بذور محسنة فائقة الجودة لمحصول الارز. خاصة اننا نمتلك ظروف مواتية من ناحية الاستصلاحات الجديدة الضامنة لجودة البذور وخلوها من الارز الاحمر .
و قد تعهد معالي الوزير خلال خرجته الاعلامية الاخيرة، باقتناء مصنع لتنظيف و تجهيز البذور في الوقت القريب ، وهو ما سيرجع الثقة المفقودة في جودة البذور . وظل هذا المصنع مطلب قديم طال انتظاره.
كما أعاد الى ادارة تنمية الشعب و الارشاد الزراعي صلاحياتها في مجال الاشراف الميداني على متابعة و مراقبة البذور على عموم التراب الوطني ، و هو تصحيح للوضعية الغير طبيعية التي شهدها القطاع في السنوات الاربعة الماضية ، و هو اجراء يشكر و يثمن.
اما فيما يخص الزراعة المطرية فان معالي الوزير ذكّر ببعض من الاجراءات من أهمها :
- ادخال التسميد في مناطق زراعة السدود وهي عملية مهمة للغاية و اعطت نتائج ايجابية، حيث رفعت المردودية من 700 كلغ الى 900 كلغ للهكتار. و قال انه سيتم تعميم هذه التجربة و تقويتها .
كما نري ان انشاء اقطاب لانتاج البذور الجيدة في هذه السدود امر مطلوب، لانه بدون بذور جيدة يكون الجهد ضايع.
و لابد هنا ان اعطي مثالا لما يعرفه شبه قطاع التنمية الحيوانية من نتائج ايجابية بعد ادخال عملية التحسين الوراثي لزيادة الانتاج.
فكذلك الزراعة لا بد لها من ادخال عملية التحسين الوراثي ، وهذا التحسين يبدأ من انتقاء نوعي للبذور في الحقل sélection massale حتي انتخاب صنف جديد 'sélection d'une nouvelle variété . و كلها مراحل لضمان الجودة.
فالنبدأ من المرحلة المتاحة في ظروف الزراعة المطرية ، و هي عبارة عن تكوين مجموعة من المزارعين على اختيار السنابل الاجمل و الاكثر امتلاءا و حصادها لوحدها، دون خلط للمجموعات populations، و حفظها حفظا جيدا لكي تحافظ على نسبة إنباتها، و بذرها في السنة القادمة . فهذا نوع من الانتخاب، و تمارسه معظم الدول في الزراعات التقليدية وحتي في الزراعة الحيوية. L Agriculture Biologigue.
و للقطاع تجربة ناجحة في هذا النوع من التحسين الوراثي بالتعاون مع FAO في اطار مشروع تحسين جودة البذور التقليدية في الزراعة المطرية.
- بناء مجموعة من السدود
- حماية المزارع من الحيوانات ومن الآفات؛
- توزيع كميات من البذور الجيدة المنتجة محليا؛
و قد اشار معالي الوزير لامر مهم ، وهو ان البذور المستوردة تجلب الامراض و الحشائش الضارة و الحشرات الممرضة، فيجب الانتباه لها الامر و الاعتماد على خبراتنا الوطنية في هذا المجال.
و يُجمع أطر هذا القطاع ان هذه ا لاجراءات غير مسبوقة و ستعطي لاشك دفعا جديدا لزيادة الانتاج في هذا القطاع الحيوي.
و أعتبر ان هذه الاجراءات اساسا قويا لملامح برنامج الحكومة لما بعد كورونا بالنسبة لقطاع الزراعة.
المهندس احمدو يحي البناني، المدير المساعد للادارة الادارية والمالية / وزارة التنمية الريفية