دقة - حياد - موضوعية

باحث مغربي يكتب عن الأمازغية في موريتانيا(اكثر الناطقين بها في المذرذرة)

2019-09-30 22:11:11

بلاد موريتانيا أو موريطانيا معروفة في اللغة الأمازيغية بهذه الأسماء: Agawej وأيضاAgawec (أگاوش) وأيضاCengiṭ (شنگيط).

الكلمتانAgawej وَAgawec (أگاوش) تعنيان بالأمازيغية: أرض الكثبان الرملية.

.

أما Cengiṭ (شنگيط)، وتكتب في الكتب العربية "شنقيط"، فهي مدينة أمازيغية صنهاجية قديمة في موريتانيا الحالية اشتهرت في العصر الوسيط كممر للقوافل التجارية وكانت مركزا تجاريا ودينيا. وهي معروفة في كتب الأوروبيين بالاسم Chinguetti. وتزخر هذه المدينة الموريتانية القريبة من الحدود المغربية بكنوز وآثار المعمار الأمازيغي الصنهاجي، ويبلغ سكانها حاليا حوالي 5000 نسمة. ومدينةCengiṭ مصنفة من طرفUNESCO كتراث عالمي.

وعلى الساحل الموريتاني الأطلسي نجد 3 مدن ذات أسماء أمازيغية تبدأ بـNwa وهي: مدينة Nwakcoṭ (نواكشوط)، مدينةNwadibu (نواذيبو)، مدينةNwamɣar (نوامغار).

- مدينةNwakcoṭ نواكشوط عاصمة موريتانيا ويعيش فيها ربع سكان موريتانيا. والاسمNwakcoṭ هو اسم أمازيغي مركب من جزأين: n أوen (معناه: دْيال، نتاع) وَakcoḍ (أكشوض) الذي يعني بالأمازيغية الزناگية الموريتانية: "الصدَفة / المَحار" (بالإنجليزية: shell أوseashell، وبالفرنسية: coquillage أوcoquille) والذي نجده على الشواطئ. فيصبح الاسمNwakcoṭ يعني: "ذو المحار / ذو الصدفات" أو بالدارجة: "دْيال المَحار" أي المكان الشاطئي الذي تكثر فيه المحارات والصدفات.

المصدر القاموسي: انظر الصفحة رقم 314 منDictionnaire zénaga français، القاموس الزناگي الفرنسي، من تأليف الباحثةCatherine Taine-Cheikh، منشور عام 2008، عن دار النشر الألمانيةRüdiger Köppe Verlag، كولونياKöln، ألمانيا.

وانظر أيضا الصفحة رقم 211 منDictionnaire français zénaga – berbère de Mauritanie، القاموس الفرنسي الزناگي – أمازيغية موريتانيا، من تأليف الباحثةCatherine Taine-Cheikh، عام 2010، منشوراتRüdiger Köppe Verlag، كولونياKöln، ألمانيا.

وبالنسبة للمغاربة والجزائريين فيجب عليهم أن ينتبهوا إلى أهمية التمييز بين كلمةakeccoḍ (أكشّوض) الأمازيغية المعروفة جيدا في المغرب والجزائر والتي تعني: "الخشب، عود الخشب، العصا، الحطب"، وكلمةakcoḍ (أكشوض) الزناگية الموريتانية الأمازيغية التي تعني "المَحار / الصدف / الصدَفة".

- مدينةNwadibu نواذيبو هي العاصمة الاقتصادية لموريتانيا وأهم ميناء تجاري وسمكي موريتاني. وتقع نواذيبو على بعد بضعة كيلومترات من مدينة لگويرةTagwirt المغربية.

والمعنى الأمازيغي الزناگي الأصلي لاسم مدينةNwadibu (نواذيبو) غير واضح، ولكن بنيته الأمازيغية واضحة. ومن المحتمل أن يكون مشتقا من الجذر الأمازيغي الزناگيDBH أوWDH الذي يفيد معاني "المشي، الذهاب، الرحيل" (ويقابله في أمازيغية الشمال الجذرDW الذي نجده في الفعل الأمازيغيyeddu ويعني: "مشى، ذهب، راح"). والاسمانamadbih وَanadbih في الأمازيغية الزناگية يعنيان "الراحل، الذاهب". والعبارة الأمازيغية الزناگيةaman dban تعني "المياه مشت" أي: المياه سالت. فربما معنىNwadibu قد يكون شيئا مثل: مكان الرحيل (أي مكان خروج سفن الصيادين). والمنطقة الساحلية بين مدينةNwamɣar ومدينة Nwadibu كانت وما زالت مسكونة منذ القديم من طرف قبائل من صيادي السمك المحترفين يسمون بالأمازيغيةImragen (إيمراگن) وأيضاUmragen.

- مدينةNwamɣar نوامغار هي مدينة موريتانية ساحلية صغيرة تقع في منتصف الطريق بين مدينةNwadibu والعاصمةNwakcoṭ. كلمةamɣar (أمغار) الأمازيغية معروفة لدى الجميع وهي موجودة في أمازيغية المغرب والجزائر وأيضا في أمازيغية موريتانيا الزناگية ومعناها واحد وهو: "الكبير، الزعيم، الشيخ". إذن يصبح معنى اسم مدينةNwamɣar (نوامغار) الموريتانية واضحا وهو: "ديال الكبير / ديال الشيخ" أي "مكان الشيخ/مدينة الشيخ".

وتزخر موريتانيا بأسماء مدن وقرى أمازيغية كثيرة مثل: بوتيلميتButilmit، أطار Aṭar، تيمبدغاTimbedɣa، تجكجاTidjikdja، تاندغاTanedɣa، تامشكط Tamcekeṭ، تيشيتTicit، أكجوجتAkjujet، أوداغوستAwdaɣust.

ونجد في موريتانيا أيضا أسماء أمازيغية أخرى لأقاليم ومناطق شاسعة مثل: أذرارAdrar، ثاگانثTagant، ثيريس زمّورTiris Zemmur.

واللغة الأمازيغية (الزناگية) في موريتانيا يسميها أهلها: Toẓẓongiyya (ثوژّونگـيّا).

وفي أمازيغية الشمال (المغرب، الجزائر...إلخ) يسمى الرجل الزناگي / الصنهاجي: Aẓnag وصيغة جمعه: Iẓnagen.

أما في موريتانيا فإن الناطقين بالأمازيغية الزناگية يطلقون على الرجل الزناگي: Aẓnog وصيغة جمعه: Oẓnagen. ويطلقون على المرأة الزناگية: Taẓnogt وصيغة جمعها: Toẓnagen (وليسToẓnagin).

أما اسم اللغة نفسها فهو: Toẓẓongiyya.

ويطلق الزناگيون على لغتهم أيضا: Away en Oẓnagen (أي: كلام الزناگيين) وهي عبارة أمازيغية زناگية تقابلها العبارة الأمازيغية الشمالية المغربية الجزائرية: Awal en Yiẓnagen.

وكما لاحظتم فإن كلمةAwal الأمازيغية الشمالية تقابلها كلمةAway الزناگية الموريتانية.

(راجع القاموسين المذكورين أعلاه).

واللغة الأمازيغية (الزناگية) الصنهاجيةToẓẓongiyya في موريتانيا هي الآن على حافة الانقراض التام والموت النهائي لهذه الأسباب الرئيسية:

1 – أن عدد الموريتانيين الناطقين بالأمازيغية الزناگية حاليا ضئيل جدا ويتناقص باستمرار. وتقدر الباحثةCatherine Taine-Cheikh مجموع تعدادهم بـ 4575 موريتاني ناطق بالأمازيغية الزناگية في عام 2008 وهم موزعون على عدة قبائل وقرى متفرقة في مدينة المذرذرةMederdra وقرى ونواحي ولاية الترارزةTrarza جنوب وشرق العاصمة الموريتانية. وأغلب الناطقين بالأمازيغية الزناگية حاليا تجاوزوا سن الأربعين أو الخمسين.

2 – أن اللغة الأمازيغية الزناگية لا تدرّس في المدارس والجامعات الموريتانية، ولا تعترف بها الدولة الموريتانية كلغة قومية وطنية أو رسمية.

3 – أن أغلب الموريتانيين الناطقين الآن بالأمازيغية الزناگية قد تجاوزوا سن الأربعين أو الخمسين. وهكذا فإن اللغة الأمازيغية الزناگية لم تعد تورث للأطفال الموريتانيين ولا يسمعها أحد في الإذاعة والتلفزة.

4 - أن هناك نزعة جامحة لدى الناطقين بالأمازيغية إلى الاستعراب الطوعي بتأثير من الإسلام ولغته العربية المقدسة. وهذا إضافة إلى سياسة التعريب والفرنسة التي تنهجها الدولة الموريتانية في التعليم والإدارة والإعلام.

5 – أن الموريتانيين الناطقين بالأمازيغية الزناگية يخجلون من أن يتكلموا بلغتهم أمام الأجانب ويتجنبون بشكل تام أن يتكلموا بها أمام الموريتانيين الناطقين بالعربية الحسانية. وهذه الظاهرة العجيبة الغريبة المنحرفة موجودة في بقية البلدان الأمازيغية ولكن بشكل أخف. فمثلا في المغرب إذا اجتمع في مؤتمر أو حفلة أو مناسبة اجتماعية 20 مغربيا ناطقا بالأمازيغية فإنهم يتشقلبون أتوماتيكيا إلى التمتمة بالدارجة بمجرد وجود مغربي واحد بينهم ناطق بالدارجة، حتى لا يشعر بالغربة والحرج بينهم! ولا يشجعونه أبدا على تعلم الأمازيغية! وبهذا السلوك فإن الناطقين بالأمازيغية يواصلون الاستعراب كسلوك اضطراري وكعادة اجتماعية، والناطقون بالدارجة أو الحسانية لا يشعرون أبدا بالحاجة إلى تعلم اللغة الأمازيغية.

أما في موريتانيا فقد وصلت ظاهرة التنكر للغة الأمازيغية والخجل من الكلام بها إلى مستويات لا تصدق وأصبح هذا التنكر والخجل أشبه بقانون عرفي اجتماعي سري ينفذ بصمت إلى حد اليوم. وقد انتبه لهذه الظاهرة العجيبة الغريبة المنحرفة باحثون أوروبيون زاروا موريتانيا منذ أوائل القرن العشرين. ومازال هذا السلوك مستمرا إلى اليوم في القرن 21 كما لاحظته الباحثةCatherine Taine-Cheikh عام 2008.

ويرويPaul Dubié في تقريره حول الموريتانيين الناطقين بالأمازيغية الذي كتبه عام 1940 بعنوانL'îlot berbérophone de Mauritanie بعض هذه السلوكات اللغوية السلبية للناطقين بالأمازيغية في موريتانيا والتي تفسر لنا بوضوح كيف تنقرض اللغة الأمازيغية بالاستعراب الطوعي، حيث يقول:

"حين يكون الشبان الناطقون بالأمازيغية بصحبة شبان من قبائل أجنبية غير ناطقة بها فإنهم لا يفتخرون أبدا بمعرفتهم بالأمازيغية الزناگية بل يتظاهرون بأنهم لا يعرفونها. الناطقون بالأمازيغية يتجنبون تأدبا أن يتكلموا بالأمازيغية الزناگية حين يكونون بصحبة موريين (موريتانيين) ناطقين بالعربية الحسانية فقط. الأمازيغية الزناگية تستعمل داخل العائلة والجماعة ولا تستعمل خارج القبيلة. ولذلك فالناطقون بالأمازيغية المنتمون إلى قبائل مختلفة يتجنبون الكلام فيما بينهم بأمازيغيتهم ويتكلمون غالبا بالعربية الحسانية. [...]. وبعض المتعلمين الناطقين بالأمازيغية يحرمون على أولادهم الكلام بالأمازيغية الزناگية خوفا من أن تتسبب الأمازيغية في سوء نطقهم للعربية."

مبارك بالقاسم

نقلا عن هس بريس

تابعونا على الشبكات الاجتماعية