كُنتُ قد ذكرتُ، لعدة أسباب ليس هذا محلها، أنّ حزب تواصل الموريتاني ليس داخِلاً في التاريخ العالمي للحركة الإسلاموية. والآن أوّدُ القيام بترتيب في هذا التعميم. فمن الجلي أنّ هذا الحزب داخل في عِداد الإسلامويّة بعدّة طُرق أوّلها محورية الجماعة وآليات الدعوة و"الصّحوة" إضافة إلى التاريخ الخَطابي ونمط الواقعية السياسيّة وغيرها
.. إلاّ أنّني أودّ الإحالة إلى جانب آخر من هذا التاريخ الجماعي. وهو لا يخلو من علاقة أوديبيّة. فكما بيّنتُ في تحليل سابق فإنّ التخلّي عن وحدانيّة الجماعة ودخول المجتمع بقوى مجتمعيّة مستقلّة عن الجماعة قد صارَ صيحة الحرب للإسلاموية بعد إخفاق تجربة توحيد الجماعة بالحزب والتمايز عن المجتمع التي قدّمها إخوان مصر.
وما نراه في موريتانيا منذ انتخابات 2013 هو دخول الجماعة في موريتانيا في السياسة المحليّة على أحصنة طرواديّة ممّا سُمي بالقوى التقليدية: العشائر والناخبين الكِبار في الأرياف والبلديات. وما يبدو أنّه على المحكّ في هذه الانتخابات هو محاولة الدولة العميقة استعادة ما سقطَ من كبار ناخبيها إلى هذا الحزب، وبالأخصِّ في الطينطان وكرو وواد الناقة ومقطع لحجار. وما يبدو هنا هو معركة كسر العظم مع النظام، الذي يعاني من آلام الظهر، ولا يبدو في عزِّ شبابه. وكلّ ما هو آتٍ أت!
عن صفحة الكاتب ابو العباس برهام