دقة - حياد - موضوعية

أي وهم جديد ؟/احمد ولد الشيخ

2018-04-14 04:35:15

منذ أسبوعين، بدأ الاتحاد من أجل الجمهورية، حزب الدولة (الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي في ثوب جديد) حملة الانتساب إليه فوق مجموع التراب الوطني. انطلق سباق محموم لمعرفة من سيضع أكبر عدد ممكن من المسجلين "في قبضة يده".

.

واحتدمت حرب الاتجاهات في كل مكان، وخاصة في الداخل، حيث لا تعطى هدية لأي أحد. إن الذي يحصل على أكبر عدد من الوحدات القاعدية هو من سيستطيع أن يؤثر في وقت لاحق على اختيار الهياكل المحلية والجهوية للحزب، وبالتالي ادعاء بلاط، عندما "يفور التنور".إن الجميع مطلوب: الأسرة والأهل (القريب أو البعيد)، والأصدقاء، والمعارف... لقد أصبحت بطاقة التعريف، بين عشية وضحاها، الشيء الأكثر طلبا في الجمهورية. ويسعى الكل إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من المنتسبين، في أسرع وقت ممكن، دون أي تفسير، حتى ولو كان الأعضاء لا يعرفون الحزب من أبيه ولا أمه. والهدف يبرر جميع الوسائل: الشراء والبيع والوعود، بل تمت مقايضة البطاقات بأكياس القمح. وفي فترة السنين العجاف الحالية واستقالة الدولة، فإنأي شيء جديد يضاف إلى جعبة الشخص يعتبر بمثابة المن والسلوى.

ولكن ما هي الفائدة من وراء ذلك؟ ما هي جدوى التباهي بمئات الآلاف من المنتسبين الوهميين الذين لا يمكن تحويلهم إلى ناخبين؟ في الديمقراطيات القديمة، يمكن اعتبار حزب يضم عشرات الآلاف من المناضلين المقتنعين "كبيرا"، لا يسعى إلى ملء صناديق الاقتراع ولا إلى تبرئة نفسه.  وحتى إذا كان في السلطة، فإنه يظل مساويا للأحزاب الأخرى، فلا يدجن الوزراء والموظفين الكبار، ولا يحصل على أي امتياز من قبل الإدارة.ويمتلك الذين ينضمون إليه نفس الحقوق التي يتمتع بها مناضلو الأحزاب الأخرى. لكننا نجد في موريتانيا عكس ذلك تماما، حيث ذهب رئيس الجمهورية بنفسه لأخذ بطاقة انتسابه، مبينا بذلك الطريق الذي يجب اتباعه، في انتهاك سافر للدستور. ولكن هل بقي من يهتم بدستور يداس بشكل منتظم، منذ عام 2008، من قبل الشخص الذي يفترض أن يكون ضامنا وحاميا له، إلى درجةأن مجرد الحديثعن ذلك أصبح مدعاة للسخرية؟ وبعد اكتمال حملة الانتساب الحالية و"انضمام" حوالي مليون منتسب، فماذا يمكن أن نتوقعه؟ حسب المنطق، ينتظر أن يسعى إلى جعل محاولته انتصارا في الانتخابات القادمة... ولكن شتان ما بين الوعود والواقع.  فإذا شاركت المعارضة - ومن المرجح أن تفعل ذلك ـ وتم إنشاء لجنة انتخابية توافقية، فإن المنافسة ستكون شرسة. إن الحزب الحاكم، الذي يعوقه بشكل كبير تسيير كارثي لشؤون البلاد، تميز على وجه الخصوص باستحواذ أقلية ضئيلة جدا على مواردها، والمديونية المفرطة، والصفر المنقط في القطاعات الاجتماعية (التعليم والصحة)، ومحاباة الأقارب، والمحسوبية، وسوء تسيير يعجز اللسان عن وصفه، من المحتمل جدا أن يتعرض لهزيمة مدوية، ما لم يقم قادة الجيش والحكومة وكبار الموظفين والإدارة الإقليمية، كما حدث في عامي 2007 و2009، بوضع أنفسهم في خدمة حزب ومرشح ضد إرادة بلد بأكمله ـ أو على الأصح فسيفساء من الأعراق والطبقات والطوائف الاجتماعية الغاضبة بشكل متفاوت من المظالم المتراكمة أكثر من اللازم - بلاد يبدو بوضوح أنها أكثر سخونة ـ وهذا يتجاوز الكناية: إنه جمع نقيضين ـ يجعل الناس ينخدعون؟ لقد تصدعت طرق عزيز المعبدة وتبخرت شعاراته: فعلى أي وهم يعول رئيسنا الحالي لدعم نظام أفسدته أفعاله هو "الخاصة"؟

                                   أحمد ولد الشيخ

تابعونا على الشبكات الاجتماعية