في ذهني مشاهد وصور تلخص أبرز محطات حياة الرجل.. مشاركته في ميلاد الأوقية أحد أهم رموز السيادة الوطنية، حضوره في العهد العسكري في الجناح المدني لانقلاب العاشر يوليو في البداية ثم قيادته لأول حكومة مدنية في ظل العسكر ولو أنها لم تعمر طويلا، ولاحقا دخوله السجن واتهامه بالتخطيط لانقلاب عسكري مع الرئيس الراحل المصطفى ولد محمد السالك رحمه الله والوزير والسياسي بحام ولد محمد الأغظف أطال الله بقاءه.. ثم جاء توليه بعد ذلك لمنصب وسيط الجمهورية في العهد الطائعي
.
.
محطات بارزة انتقلت بالرجل من دائرة الإطار التكنوقراطي بلغة هذه الأيام أواسط السبعينات، إلى موقع المنظر الإيديولوجي مع دخول العسكر معترك السياسة، قبل أن تضعه في صدارة المشهد في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية عاصفة ومحتقنة بداية الثمانينات، لم تلبث أن عصفت به من مركز القرار، قبل ان يركن إلى الظل بهدوء يناسب شخصيته..
هكذا تبدت لي حياة الرجل الذي سمعت عنه باكرا عبر الإذاعة حين تولى الوزارة ثم رئاسة الحكومة، قبل أن يتاح لي أن أراه خلال العهد الطائعي الثاني وسيطا للجمهورية.
وكان المنصب بطابعه البعيد عن الأضواء والملتبس الأدوار في ظل الاستنساخ الأعمى للنموذج المؤسسي الفرنسي، خير ما يقضي فيه آخر أيامه المهنية إطار حريص على البعد عن مواقع الشبه السياسية وما أكثرها حين تشيخ أنظمة العالم الثالث وتترهل، وتتعاورها الأيدي غير الأمينة وغير النزيهة، ويسود السباق المحموم المجنون نحو تأليه الحاكم، كما فعلنا وربما ما زلنا، مع كل ساكن لقصر أم ركبة..
احتفظ للراحل بصورة الرجل الهادئ، خفيض الصوت، المبتعد دوما عن ضوضاء صدارة المواكب الرسمية حيث تتدافع المناكب دون الأفكار غالبا!
ويكمل الصورة ما نقله ثقاة عرفوا الرجل في مراحل مختلفة من حياته العامة، يجعلونه في مصاف أفضل أطر البلد وأكفئهم.
رحم الله الرجل وخفف عن ذويه في مختلف مناطق موريتانيا خاصة في تكانت وأفله والحوض.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
من صفحة الاعلامي محمد ولد حمدو