دقة - حياد - موضوعية

تفاصيل محاكمة وإعدام الأمير المختارولد اعلي الكوري(ح3)

2020-11-20 04:03:16

... فمنحوه قوة حقيقية و إن كانت تلك القوة قد وُضعت تحت أيادٍ سيئة مما كرس خطورتها..

.


و مع أنه كان للأمير محمد لحبيب أبناء و إخوة تمْكنهم خلافته في الإمارة.. فإن المختار، وريث الأمراء القدامى، كان يعتبر نفسه و تعتبره طائفة عريضة من القبيلة ولي العهد المفترض لهذا العرش الذي سُلب من والده على يد الملك الحالي لترارزه..
تلكم هي، سادتي، القوة الحقيقية للمختار.. و يمكنكم من خلال ذلك أن تتفهموا ببساطة كيف أن رجالا يرمون إلى أن ينتقموا انتقاما خاصا يريدون البحث عنه ليدفعوا به، بوصفه قائدا ساميا، لإعلان الحرب فجأة ضد السنغال.. فجعلوا منه بديلا يعولون عليه للوقوف أمام قوانيننا التي هي أشد صرامة و صدقية .. و لا يمكن تجاوزها.. كقوانينهم...
و لكن.. لماذا قبل المختار هذه المهمة القذرة التي أقحم فيها.. خاصة أنه لم تكن له مصلحة شخصية في الانتقام لإعلي { ول بوشارب}؟
{ الإجابة على هذا السؤال} تكمن، سادتي، في طموح المختار و تطلعه إلى الاستيلاء على العرش.. و لكي يمتلك امتيازاتٍ تُخوله الوصول إلى أشياء أهم.. مما دفعه إلى تصرفات متهورة.. لم تُمْل عليه إلا خدْعات بائسة {تمثلت} في اغتيال صديق من أجل إضرام حرب بين السنغال و ترارزه، إن حالفه الحظ في ذلك فهي فرصة كي يستعيد عرش أسلافه..
هذا هو دافع الانتقام الذي ينظر له آخرون و يسندون تنفيذه إلى المختار..
إنها مصالح سُلطوية و طموح يُبحث عنه بمغامرات لا تليق بشخصية شريفة..
ذلكم، سيداتي، هو السبب الحقيقي للجريمة التي نتابع صاحبها..
ها هو، حسب تصورنا، ما جعل من المختار وحشا قاتلا بدلا من أن يكون بطلا..
و هو ما يستدعي اليوم كل الحرص على توقيفه.
لقد كنتم شاهدين، سيداتي، على مستوى انحطاط القيم الذي تكرسه هذه التصرفات التي سردتُ لكم تفاصيلها..
إن كل هذا الشعب الذي يبدو اليوم مسالما, و الذي ينتظر بكل ثقة الحكمَ الذي ستصدرونه.. كل هذا الشعب على استعداد للخروج من اجل الانتقام لموت المسكين ماليفوار.. و لا بد من منعهم من ذلك لأن حربا، و أكررها، بين ملك ترارزه و السنغال هي بالضبط ما يصبو إليه المختار بكل ما أوتي من دهاء و ينبغي أن نكون حريصين كل الحرص على الوقوف ضد رغبته تلك..
لقد توبع هجوم الأمير و المتمالئين معه باعتباره جريمة سطحية.. و عندما طلبنا من أمير ترارزه {محمد لحبيب} تسليمهم أو طردهم من أرضه و تجريدهم من امتيازاتهم و حقوقهم لديه.. أبدى عجزه الحقيقي أو المفترض عن ذلك.. بينما منع والي السنغال المسمى المختار من إكرامياته..
و ستسمعون، سادتي، حول هذه النقطة و عن تفاصيل هامة قراءة لشهادة مكتوبة من الوالي نفسه جوابا على الأسئلة التي تظن أنه ينبغي طرحها على ممثل الملك هذا.. و هي في شكلها صيغها اللائقة و المنصوص عليها للمستعمرات الأخرى.. و التي ينبغي أن تطبق في السنغال..
و المختار مُدرج بالفعل في قوائم ترارزه.. و لا نريد استباق الأحداث لنطلعكم على السبب منذ الآن.. وول ككن قلقله من فقدان إكرامياته، و هو آخر دوحة عرش أسلافه.. و رغبته الجامحة في الحصول على هذه الوسيلة الوحيدة لضمان قوته و إشباع رغباته دفعته إلى المجيء ل سان لويس لكي يمثل أمام الوالي و يطالب باسترجاعها...
خاطب المختار الوالي بعبارات نابية.. و سيحكم المجلس في ما يخص خروجها عن حدود اللباقة.. و ذلك بعد قراءة الرسالة التالية المكتوبة باللغة العربية و التي ترجمها السيد" آلانه"، عدة سان لويس.. { نشرنا رسالة المختار في الحلقة الأولى...}..
إن رسالة مثل هذه لا يخفي فيها المتهم تهديده المُغشى بالعبارات الخطابة المعسولة لتجعل المرء يقلع عن كل مظاهر الباقة مع صاحبها.. و هو ما تم بالفعل...
و عندما فوجئ { المختار} في حي "كِت إندر" سلمَ نفسه طواعية للفرقة التي جاءت لتوقيفه.. و صرح أنه لم يأت إلا لكي يبرئ نفسه من الجريمة التي ألصقت به و يبحث عن إكرامياته..
و ستستمعون، بعد قليل، إلى شهادة الشهود على كل هذه الوقائع التي تحدثنا عنها آنفا..
أيها السادة.. إن تكييف الملف الذي قام به رئيس المحكمة الابتدائية قاد إلى ظروف و مستلزمات ستساعدكم على الحكم { في هذه القضية}..
ف{هذا} المتهم.. إما أن رجالا يعرفون قوانيننا استطاعوا أن يجدوا له منفذا كي يسدوا له نصائح عندما كان، افتراضا، في الخفاء..
و إما أن حذره و دهاءه الطبيعيين خولاه وسيلة للاتصال بقضاته.. و أخيرا.. إما أنه، و إن كان ذلك حقا، في اعتقادي، أنه أعلن منذ بداية المحاكمة أن سنه لا تتجاوز سبع عشرة سنة.. و قام، اللحظة، بتأكيد ذلك أمامكم.. و هذا يُفضي على أنه لم يتجاوز السادسة عشرة عند ارتكاب الجريمة.. و بهذه المناسبة.. فإذا قبل ذلك عند المجلس.. فإنه سيثير إشكالية اختصاص المحكمة..
و كما تعلمون فإن المتهم الذي لا يتجاوز ست عشرة سنة، و المرتكب لجريمة تقتضي عقوبة الإعدام لا يدان في قوانيننا و كما تعلمون فإن المتهم الذي لا يتجاوز ست عشرة سنة، و المرتكب لجريمة تقتضي عقوبة الإعدام لا يدان في قوانيننا إلا بعقوبات تأديبية بسيطة..
و خدمة للمجتمع الذي نمثله.. و للحق و للعدالة.. و من أجل تكييف هذه القضية، فإننا سنلزم المختار، إذا تمادى في القول إن عمره، بالفعل، 17 سنة، فإذا أجاب بالإيجاب على ذلك.. ألزمناه أن يحضر شهودا لكي يسمعوكم شهادتهم و يدلوا بحججهم على ذلك..
و من جانبنا فقد استدعينا شهودا من أجل إثبات العكس..
بقي لنا الآن أن نلتمس من المحكمة أن تأمر بإجراء ها التحقيق أمامها قبل الاستماع للشهود الآخرين.. و تُقر نتائجه و تلحقها بوصفها مُلحقاتٍ بالملف الأصلي للمحكمة الجنائية لكي يبت في ذلك خلال جلسة واحدة..
و لكي لا يخامركم شك، أيها السادة، في حقنا أن نوجه لكم ملتمسات، و في اختصاص المحكمة الجنائية في قضايا الدولة.. اسمحوا لنا أن نطلعكم على ما نص عليه القانون الفرنسي في هذه النقطة..
تنص المادة 46 من القسطرة المدنية على ما يلي:
"
إذا لم يوجد سجل أو ضاع السجل فإن الدليل يؤخذ من الأسرة أو من الشهود.. و في هذه الحالة فإن عقود الزواج و الميلاد و الوفاة... تثبت بالتصريحات و الوثائق الصادرة عن الآباء أو الأمهات.. و مثلهما في ذلك الشهود".
و إذا كان هذا الدليل مسموحا به في فرنسا فإنه من المناسب اعتماده من طرف الأجانب الذين لم تصلهم،قط، المدنية الحديثة....
يتواصل..

 

تابعونا على الشبكات الاجتماعية