يبدو أن ما يجري، مهما كانت شرعيته، هو تنفيذ علني تدريجي لمخطط خبيث لتغيير هوية هذه البلاد وشعبها، ودسترة ذلك التغيير إلى الأبد استجابة لمطالب أجنبية وداخلية ومصالح سلطوية آنية.
.لم يفهم أولو البصائر في هذه البلاد تغيير العلم على القميص الرياضي الوطني قبل سنة، وهو ما كان بالون اختبار يبدو أن جدي.
تغيير العلم مقدمة لإلغاء معنى "الإسلامية" الرمزي، وإلغاء معنى سيادة الأغلبية وجعلها مساوية للأقلية في كل شيئ.
علما أن جوهر السلطة منذ الاستقلال علماني بلا خفاء ولم يجر تطبيق الشريعة الإسلامية بأي وجه صحيح.
ولذلك سيكون تغيير العلَم مقدمة لتغيير الطابع الرمزي "للجمهورية الإسلامية" لتكريس العلمانية علنيا بعدة مدة رغم وجودها واقعيا.
علما أن تغيير العلم الحالي لا معنى له من حيث المبدأ إلا إذا كانت الخضرة والهلال يثران حفيظة البعض أو لا يهتم لهما.
أما اللغة العربية التي لم يجر العمل بها مطلقا منذ 60 سنة، فستكون محل إقصاء تدريجي بإدخال خيارات لغوية ولهجية وثقافية أخرى.
وهو حال التغييرات الدستورية التي يقصد بها تكريس محاصصة ظالمة تم العمل بها منذ عقود من دون أن معارضة لا فتة وإدخال مواد تحاصر الخصوم السياسيين والإيديولوجيين.
ما يجري رغم أنه حوار طرشان، لكنه اجتماع تلفيقي سياسي يسمح بتمرير الأجندات الدولية والمحلية والمستبدة التي ستقضي على الباقي من المكانة الرمزية للقيم الوطنية والأهلية التي كرستها دساتير البلاد منذ عقود طويلة وآخرها دستور 1991 التي تم في عهد الرئيس معاوية ذكره الله بالخير مهما كانت سيئات نظامه.
يبدو أن العسكر الذين يحكموننا ينفذون أجندة دولية خبيثة، ستلغي مرتكزات الهوية الوطنية، وتمكنهم من البقاء والاستمرار، تماما كالتنازلات التي لا نعرف عنها شيئا والتي مكنتهم من الانقلاب على الشرعية والوصول إلى الحكم.
يبدو أن هذا هو مسار الأمور في بلاد العرب مشرقا وغربا في ظل أنظمة العمالة والنفاق التي بدأت كلها تتخلى عن القيم الإسلامية والعربية، ما سيرتد عليها كاشفا نفاقها وتبعيتها وعدم شرعيتها، وليعجل بنهايتها أمام المد الشعبي القادم والذي سينهي الحكم الجبري من شواطئ انواكشوط إلى سواحل الخليج، في ظل تحولات كارثية طبيعية وحربية عالمية ماحقة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء!
فاستعدوا ل 2017 وما بعدها، ودستروا ما تشاؤون،
ولله الأمر من قبل ومن بعد