في عالم شديد التسارع والتنافسية، بات الحفاظ على الصحة الذهنية من أهم عوامل النجاح المهني والشخصي، وهو ما استدعى التساؤل دائما عن كيفية تطوير قدرتنا الذهنية، خاصة مع تقدم العمر وأمراض الشيخوخة.
في هذا السياق، تكشف دراسة أوروبية ضخمة -شملت أكثر من 86 ألف شخص- عن أن التحدث بلغتين أو أكثر لا يعد مجرد مهارة تواصل وأداة للنجاح المهني، بل يتجاوز ذلك ليصبح آلية دفاع بيولوجي منخفضة التكلفة ضد تسارع الشيخوخة وانخفاض القدرات الذهنية.
تلك النتائج من شأنها أن تعيد تعريف مهارة تعدد اللغات بوصفها نوعا من "رأس المال المعرفي"، وتؤكد أن الاستثمار في اللغات قد يكون من مفاتيح النجاح الطويل الأمد.
حلّل الباحثون بيانات المشاركين في 27 دولة أوروبية، بهدف معرفة نسبة تسارع الشيخوخة، وذلك بناء على عوامل عدة، مثل الصحة ونمط الحياة. وأظهرت النتائج مؤشرات مثيرة، منها:
وشدد الباحثون على أن التأثير الوقائي لتعدد اللغات ظل قويا، حتى بعد استبعاد عوامل أخرى مثل العمر، والحالة البدنية والصحية، والظروف الاجتماعية والسياسية. بمعنى أن الفائدة التي يجنيها الدماغ من تعدد اللغات لا تعتمد على الوضع الاجتماعي أو الحالة الصحية للفرد.
تؤكد الدراسة أن لهذه النتائج أهمية كبيرة على مستوى السياسات العامة، فالوقاية من تسارع الشيخوخة وتأثيراتها السلبية على القدرات الذهنية ليست متعلقة فقط بالتكاليف الباهظة للتدخلات الطبية والنفسية