بعد عشرين سنة من استرجاع المواطن الموريتاني دولته و ما تلى ذلك من إنجازات بنيوية يدركها كل من كان له قلب ويميز بين التبعية والاستقلال لا يزال هناك الكثير مما يتعين فعله لاستكمال بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات دولته الجديدة.
وعلى رأس ذلك انشاء مكاتب في جميع مرافق الدولة لرصد ومتابعة مؤشر رضى المواطن عن وطنه والخدمات المقدمة له وكذلك ارضاء جميع مكونات المجتمع في مطالبها المشروعة .
وكذلك تصفية المجتمع التقليدي تصفية تحافظ على ايجابياته وتتخلص تدريجيا من سلبياته ومن ذلك الاستعداد للبحث عن جميع الاختلالات الطبقية التي نجم عنها هضم الحقوق وتعويض ذلك دون مزايدات ولا استيراد أزمات . فنحن مسؤولون عن كل ما جرى و يجري في بلادنا ولكننا لا نقبل ان نتهم بما نحن منه براء وما كان يجري في بلدان لا علاقة لنا بها . واغلب المطالب الفئوية ناجمة عن عزل النخب الوطنية عن تسيير الشأن العام ما نجم عنه ابقاء الوضع على ما كان عليه قبل قيام الدولة الحديثة لان من قادوا البلاد لم يكن همهم ترقيتها و لا يحملون هموم مواطنيها.
فلكل شريحة مجتمعية ان تعبر عن تطلعاتها وتناقش في ضوء التاريخ الموضوعي والعدل والمساواة دون تحميل ذلك لجهة بعينها. وفي هذا الصدديجب ان يكون عنوان المرحلة إعطاء كل ذي حق حقه دون غمط ولا زيادة و ان تترك النخب الوطنية لتقدم الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة.
ومن ايجابيات المجتمع التقليدي ما كان عليه الأمر من فصل للسلطات ومن لامركزية مترسختين في لا وعي كل مواطن والتكافل الاجتماعي والتضحية في سبيل الوطن.
ومما يعيد الثقة أيضا الشفافية في التوظيف و التفريق بين المناصب السياسية والوظائف الفنية التي لا تنال الا بالخبرة والاختصاص والاقدمية دون الحاجة إلى وساطة او تدخل .
ومهما يكن عليه الأمر من سوء فإن الاجيال تتعاقب وتجب العناية بالنشئ لتجاوز بعض هذه الاختلالات. وقد وضعت مقدمات ذلك كالمدرسة الجمهورية وما يتبعها من اصلاح التعليم . فعلينا جميعا التعاون في هذا المشروع الطموح انطلاقا من الأسرة مرورا بالمسجد ثم الاعلام الهادف إلى المدرسة في تناغم متكامل بين كل هذه المحطات التربوية. ومن ذلك انشاء محطة تلفزية تعنى بالاطفال وتهذيبهم وترفيههم وتكوينهم وتنشئتهم والتعاون في ذلك مع الفنانين التشكيليين والصناع التقليديين لإنتاج برامج هادفة محافظة على قيم المجتمع العامة والخاصة مع تعليم ابجديات اللغات الوطنية لجسر الهوة اللغوية بين فئات المجتمع .
ومما يساعد على إصلاح التعليم في ظل شح الامكانيات المادية عدم التركيز على البنايات لان ابرزالعلماء والشعراء والقضاة في البلد تخرجوا من تحت الخيام والاعرشة وحتى العراء ولم يحد ذلك من تحصيلهم بل ونبوغهم .
فيجب اذا الاعتناء بالمضمون اكثر من الشكل واستغلال الوسائل الحديثة لنشر العلم والمعرفة مع العناية المتزايدة بالمدرسين ماديا ومعنويا.
وفي مجال الصحة يجب الحد من شغل الأطباء بالمناصب السياسية إلى أن نضمن تغطية شاملة للتراب الوطني بالاطباء الاكفاء والمؤهلين والاخضائيين المتميزين .
ونذكر ان دول الجوار إنما تتميز علينا في نقطتين احداهما وجود اخصائيين مجربين في كل اختصاص طبي مع وجود مؤسسات مخبرية ذات مصداقية عالية. وهذا كله يمكن توفيره عندنا بالتكوين المستمر والتعاون مع الأشقاء والاصدقاء وكذلك فتح فروع مخابر دولية مثل معهد باستير Pasteur ومحلية مجهزة وفعالة للتحاليل الطبية وكذلك محاربة لا هوادة فيها للموادالمنتهية الصلاحية والمزورة من أدوية واغذية عبر التوعية والقمع .
اما في المجال الاجتماعي فعلينا تنظيم العمل الخيري للقضاء على الفقر المدقع الذي لا يمكن القبول به كمن يبيت طاويا بينما يكفيه مبلغ 150 اوقية قديمة لسد رمقه بما تيسر ويمكن توظيف المساجد لذلك.
ومن اجل اعداد مستقبل افضل لنا جميعا تتعين العناية بالشباب ذكورا واناثا عبر تعبئة شاملة عن طريق الخدمة الاجبارية من خلال جيوش التنمية التي تستغل قوة الشباب وحيويته للتغلب على اغلب المشاكل المطروحة واعصاها على الحلول كالنظافة والتسيب والفوضى في الحياة المدنية كالمرور مثلا . وهذه التعبئة تصون الشباب عن المخدرات والأفكار الهدامة ويؤطرها الجيش وتستهدف الشباب من سن السابعة عشر إلى سن العشرين.
اما الاناث فعلينا الاعتناء بهن عن طريق العمل على إعداد الفتيات لتحمل مسؤولياتهن الأسرية والمجتمعية وخاصة في ضوء ما يحاك من مؤامرات تستهدف المرأة في مجتمعاتنا و ما يتهددهن من مخاطر صحية بسبب استعمال المواد الكيميائية الضارة والسامة .
ومن الأفضل أيضا مرافقة هذه الاجرائات ان امكن ذلك بتخفيض الضرائب او الاعفاء منها خاصة على الوقود والمواد الغذائية لان اغلب معاناة الناس تنتج عن الأسعار الباهظة والمتفاقمة واغلب المواطنين لا يبحثون الا عن لقمة العيش والكفاف.
و في مجال العلاقات و النفوذ يجب التركيز على مواقع النفوذ التقليدي والامتداد الطبيعي والبشري كجنوب المغرب والجزائر وشمال السنغال وغرب مالي مع العناية بالجاليات في الخارج بتأطيرها وتثمين ادوارها .
علينا أيضا ان ندرك اننا شعب مستنفر في سبيل الله و مرابط على الثغور ومن خيرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم و ما الزلاقة قديما والمقاومة حديثا الا دليل حي على ذلك.
اما في السياسة الداخلية فما على الذين يعيبون على الجيش وهو مؤسسة جمهورية ريادته للسياسة الا ان يتنظموا وينتجوا خطابا سياسيا واضحا وبرامج طموحة تستقطب المواطن ليكتسبوا ثقة الشعب الذي لا يرى قوة منظمة غير الجيش مع ما له من شرعية ثورية .
كما يمكن تركيز جهود التنمية الجهوية على ولايات بعينها مختارة على معايير الإنتاج والكثافة السكانية والموقع الاستراتيجي واختيار ولاية لكل سنة من سني المأمورية الخمس بإذن الله تنصب عليها جهود التنمية من طرق وصرف صحي وصحة وبنى تحتية وذلك لترشيد الوسائل المحدودة والاكتفاء في كل سنة مخصصة لولاية بعينها بالمشاريع الضرورية في الولايات الأخرى.
اما الأمل الأخير فهو تطبيق الحدود الشرعية بعد استكمال وضمان كل الحقوق...
و اخيرا ارفع إلى فخامة رئيس الجمهورية طلبا متواضعا وهو ان يمنحني مقابلة معه أو مع من يثق به لمدة خمس دقائق لاشرح له فكرة عندي لتحلية مياه البحر فيها الكثير من الفوائد وقائمة على مبادئ علمية ثابتة وتحتاج إلى من يقتنع بها وينفذها ويصون سرها .
ابراهيم السالم ولد ببكر للمعلوم
مناصر لتيار راشدون احد أبرز وأفضل مكونات الاغلبيه 47240744