حبذا لو حمل المدعوون الى التشاور همّ من يُفترض انّهم منتدَبون للدفاع عن مصالحهم في "أيام التشاور "حول إصلاح التعليم المُرتقب ، لا أدري رقمه في سلسلة الأيام التشاورية ولا محاولات الإصلاح لكن دعونا نسمّيها هكذا تَيمّنا .
مهما يكن أذكرهم بعِظم المسؤولية و الآمال المعلقة عليهم من قبل الآباء المكلومين في فلذات أكبادهم .نعم ، فأسراب من هؤلاء تقيئهم المؤسسات الثانوية في الشارع كل سنة حيث يتلقفهم ثلاثي الجهل و البطالة و الإنحراف و مآل جلّهم الى السجن ، ذلك لمن لم يفلح في وُلوج الجيش ليصبح خادمًا فيه مقابل حصانة مؤقتة .إذن نريد مراجعة القوانين المدسية و ملاءمتها مع واقعنا حتي يكسب الطلاب ما ينفعهم في الدنيا اوالآخرة (درهم معاش او حسنة معاد )
كما أذكرهم بأنه منذ أن انسحب لئلا أقول هرب جيشنا المغوار من الصحراء الغربية، الولاية الثالثة عشر من الجمهورية الإسلامية الموريتانية في العاشر من يوليو عام 1978 واحتل الرئاسة معلنا نهاية الدولة المدنية، فطنت الّلوبيات المُتصارعة على المصالح والمناصب وحمَلة الاديولوجيات الهدّامة والمصالح المُتشابكة فطِنوا لخُلوّ الساحة من رقابة المثقفين و السّاسة الذين تم تدجينهم من قبل الضباط ، منذ ذلك عششت تلك الجماعات ولا تزال تعشش في أروقة وزارة التربية والتعليم ( وزارة يتغير اسمها مع كل نظام مرة او مرتين ) فهي ميدان معارك الحركات السرية و ملاذ الفساد و المفسدين و مستقر لرعاة مصالح القبائل والجهات و الفئات ، فرجاءً اطلبوا من النظام الجديد الجاد ، ( إن شاء الله ) أن ينظفها ممن يُديرونها منذ الأزل فيُوكل مهمة تسييرها لإداريين ذوي رواتب كبيرة ويرافقهم الحرس الوطني وليكن شعارهم " المدرس أمام طلاّبه أو لا يكون " .و يمنحهم كامل السلطة.
نذكرهم كذلك بأن جيلاً من أبناءنا راح ضحية التعريب السياسي المفروض من قبل القوميين العرب ضد نظراءهم من الزنوج في خضم الصراع على المناصب ، ثم راح الجيل الموالي ضحية ازدواجية افتراضية ، فرض البنك الدولي شرائها من كندا "فيا رب ردّنا لعربينا بو شهاب واحد ". فيا أيها التشاورون نريد ان نعود الى التعلّم باللغة التي نخاطب بها ربنا : اهدنا الصراط المستقيم واغفر لنا وارحمنا ...
نذكركم ايضًا أن الجيل الأخير من المدرسين (اساتذة ومعلمين ) ، خاصة الذين تم اكتتابهم من على قارعة طريق البطالة و على عجل لإسكات مُنتقدي الأنظمة وتهدئة الأوضاع وقلب الحقائق وتزوير الأرقام من أجل تضليل المُمولين الدوليين ، هؤلاء يجب فسخ التعاقد معهم أو إحالتهم للتقاعد في صفقة من صفقات التّراضي غير المعلنة ولو اقتَضى الأمر جلب معلمين وأساتذة من الخارج ( دول الجوار او السودان مثلا ).لأن تصحيح البداية ضمان للنهاية .كما نود منكم التفكير في توحيد النظام التربوي وذلك بدمج الروضة و المحظرة في المدرسة العمومية او (الجمهورية) كما يروق للبعض من عشاق الشعارات .ومن المهم ان تحوي كل مدرسة كفالة يعيش بداخلها أبناؤنا فينصهِرون فيتآلفون كما يتحتّم القضاء تدريجيا على المدارس التجارية.فبذلك تصبح المدرسة قالبًا لصِياغة مواطنين متساوين و متقاربين فكريًا غير مُتنافرين يُرجعون الفضل والمنّة في تَكوينهم لوَطنهم الذي يصبح في أذْهانهم فوق الإعتبارات الضيقة الأخرى .
كما نود منكم ،معشر المتشاوِين، ان تَعلموا أن عملية التربية شراكة بين الآباء والمدرسين مُمثَيلن في إدارة المدرسة و مكتب رابطة أولياء التلاميذ فيجب وضع معايير محكمة يتم على غِرارها اختيار مديري المدارس و على أساسها يتمّ تحويلهم والتي بوجبها يتم انتخاب أعضاء مكتب الآباء .
أخيرا ، يرى الكثير من المحللين أن ضعف الرواتب سبب أوْحد في التردي الملاحظ في خدمات التعليم والحقيقة أنّ مُناخ الليبرالية المتوحشة وفساد الأنظمة المُتعاقبة منذ الإطاحة بالرئيس المؤسس رحمه الله ، بالإضافة الى عدة عوامل منها الجهل و الجشع السائدين في اوساط رجال الأعمال وانعدام الحس الوطني لديهم و الأخطر من هذا ذاك النّهب الممنهَج لِثروات البلد والظلم الإجتماعي ... الخ كل ذلك جعل الإقتصاد على غير ما يرام و جعل القدرة الشرائية لدى المواطنين في تراجع مستمر وعليه فإن زيادة الرواتب دون خفض نسبة التضخم عمل غير مجدٍ إقتِصاديا .
نريد من المُتشاورين ان يُطالبوا بتدخل الدولة في السوق من أجل تنْظيمها قبل رفع الأجور وقيمة العملة المحلية ودعم القدرة الشرائية للمواطنين . لا تنسوا أن بلقيس عقدت مشورة كانت سببا في هداية ممْلكتها .وشكرا لهم .
كراي بو تلميدي