كشفت دراسة جديدة حدوث تراجُع في جهود القضاء على الجوع ابتداءً من عام 2014 في عدد من البلدان، خاصةً البلدان الأفريقية.
وتحذر الدراسة التي نشرتها دورية "نيتشر فوود" (Nature Food) "الخميس"، 12 أغسطس، من أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء من أكثر المناطق تضررًا، ويرى معدُّو الدراسة أن السبب في تراجُع جهود القضاء على الجوع ليست موجات الجفاف، بل الحروب طويلة الأمد.
ورغم أن الجفاف يتسبب بشكل روتيني في انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا، إلا أن إسهامه في الجوع ظل ثابتًا أو حتى منكمشًا في السنوات الأخيرة، وفق الدراسة.
وفي المقابل، أدى تصاعُد العنف على نطاق واسع وطويل الأمد إلى نزوح الناس ورفع أسعار المواد الغذائية ومنع المساعدات الغذائية الخارجية، مما أدى إلى زيادة مؤشرات الجوع مرةً أخرى؛ إذ يبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع حوالي 700 مليون شخص، يمثلون ما يقرب من 9٪ من سكان العالم.
يشير "ويستون أندرسون" -باحث ما بعد الدكتوراة في معهد الأبحاث الدولي للمناخ والمجتمع بجامعة كولومبيا الأمريكية، والمؤلف الرئيسي في الدراسة- إلى أنه "في حين أن الجفاف لا يزال سببًا ثابتًا لأزمات الغذاء في أفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن الصراع المسلح الذي طال أمده كان أكثر أهميةً -نسبيًّا- خلال العقد الماضي".
علاوةً على ذلك، وجد الباحثون أن سبل العيش الرعوية استغرقت وقتًا أطول للعودة إلى ظروف الأمن الغذائي بعد الجفاف، مقارنةً بسبل العيش الزراعية.
عمل الباحثون على تحليل بيانات تضمَّنها موقع "شبكة أنظمة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة"، الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تتعلق بالفترة ما بين 2009 وحتى 2018، وانتهى الباحثون إلى أن "عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة في البلدان الخاضعة للمراقبة ارتفع من 48 مليونًا في عام 2015 إلى 113 مليونًا في عام 2020".
شملت الدراسة الحالية 14 من أكثر البلدان الأفريقية معاناةً من انعدام الأمن الغذائي، مثل موريتانيا ومالي ونيجيريا، والسودان وتشاد وإثيوبيا وكينيا والصومال وموزمبيق وزيمبابوي.
يقول "أندرسون" في تصريحات لـ"للعلم": وجدنا أن الصراعات في نيجيريا وجنوب السودان، وبدرجة أقل في الصومال، أسهمت بشكل كبير في زيادة أزمات الغذاء الناجمة عن العنف، ومع ذلك، عانت البلدان في جميع أنحاء شرق أفريقيا من انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير نتيجةً للجفاف.
يضيف "أندرسون": الدراسة الجديدة ذات أهمية كبيرة، خاصةً مع تزايُد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي على نحوٍ مطَّرد في السنوات الأخيرة، كما أظهرت أزمات الغذاء الماضية أن قدرتنا على الاستعداد للكوارث الطبيعية والاستجابة لها تتعرض للخطر في مناطق العنف الممتد.
ويتابع: تسلِّط دراستنا الضوء على أن العنف -باعتباره سببًا لانعدام الأمن الغذائي- قد تصاعَد باطِّراد خلال العقد الماضي، وإذا استمرت هذه الاتجاهات، فإن العمل على منع الجفاف والفيضانات من أن يؤدي إلى أزمات غذائية سيصبح أكثر صعوبة، وفي معظم الأحوال يكون الرعاة هم المجموعة السكانية الأشد تضررًا من العنف كما هو الحال مع الجفاف، لأنهم أكثر تعرضًا للعيش في المناطق المعرضة للعنف، كما هو الحال في منطقة "تيجراي" الإثيوبية، حيث تجري حرب أهلية بين الحكومة وإدارة الإقليم.
وعن سبب اعتقاده أن الحروب والنزاعات هي السبب الرئيسي في الجوع في أفريقيا جنوب الصحراء، يقول "أندرسون": الظروف المناخية القاسية هي بالتأكيد سبب مهم لانعدام الأمن الغذائي في أفريقيا، لكنها ليست السبب الرئيسي، وفي الواقع، نحن نحدد الجفاف باستمرار على أنه سبب انعدام الأمن الغذائي لعدد أكبر من الناس مقارنةً بالنزاع، ومع ذلك، تسببت الأزمات الغذائية الناجمة عن الحروب في زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي خلال الفترة الزمنية 2009-2018، في حين ظل عدد الأشخاص المتضررين من الأزمات الغذائية الناجمة عن الجفاف ثابتًا خلال تلك الفترة.