...اخبرني السيد احمد ولد ابا انه متوجه إلى التاكلالت و سيمر بالمذرذره للسلام على أسرتنا هناك و اقترح علي مرافقته، فكدت أطير فرحا وأحسست بارتياح كبير، كانت سيارته من نوعLand Rover SG ، رميت الخنشة المثيرة في مؤخرتها وانطلقنا إلى "الصنكه" وكانت نقاط التفتيش بدءا بنقطة الشرطة عند "ابيتpolice" في عرفات حاليا،و الذي كان يبعد 4كلمترات عنالمدينة وقتها الي نقطة للدرك عند الكلميتر 75، و أخرى للدرك في تكند تكتفى بتقديم التحية العسكرية ، ثم تفسح لنا الطريق، وأنا في سرور لا يكدره إلا السؤال الذي ظل يراودني وشكل آخر هاجس أخافني في هذه المهمة الصعبة لمن سأسلم الرسالة الخطيرة؟
.. كان السيد احمد ولد ابا يجلس في الأمام بجانب السائق، و انا في الخلف بالكابين الثاني لStation wagon ، ارقب الخنشة الخطيرة وأقول في نفسي لو علم احمد بما احمل لما طلبني مرافقته أبدا
كنت طيلة الرحلة أفكر كيف سأتخلص من هذه الرسالة المسمومة؟، فنظرا للسرية الكبيرة في عمل الحركة، لم يتم اطلاعي على من سيتسلم الرسالة في المذرذرة ، مخافة ان يتم اعتقالي و اجبر تحت التعذيب على كشفه، فمن الأفضل أن لا تكون لدي أية معلومات عن خلية المذرذرة.
وصلنا "الصنكة" ساعة الأصيل كنت ملثماحتى لا ترصدني أعين المخبرين الذين انتشروا في المدينة كالفطريات، عبرنا الشارع الكبير بسلام و قد تجمهر فيه بعض سكان المقاطعة كعادتهم مساء ، وبقيت أتساءل من هو صاحبي الذي سيستلم هذه الرسالة؟ هل هو من بين هذه الجماعة أم لا؟ وكيف سأتعرف عليه ؟ فكرت في لاتصال بأحد مناضلي الحركة المعروفين في الصنكه لكن تعليمات الحركة كانت صارمة في الحزم و انتظار التعليمات، ولما وصلنا المنزل ورآني والدي رحمه الله سألني، "اخبارك يعطين خيرك، حد يفهم بعد عن "لحرور" موجود واعس حت"، وهو على دراية تامة باني لم آتي عبثا لمعرفته بالكادحين ، و تعاطفه معهم، أمضيت ساعات ولم أرى منفذا للتخلص من الخنشة، بعد ان تناولنا العشاء ، خرجت الى جهة محل الصناعة التقليدية كان الظلام حالكا لدرجة ليمكن تصورها بقيت هناك بضعة دقائق، لا أرى سوى أمواج الظلام ، فتذكرت ان سكان المدينة يخافون مبنى الصناعة التقليدية، ويقولون انه مسكون من طرف الجن ويروون قصصا مرعبة حوله، فقررت ان أعود إلي المنزل فورا ،وفجأة امسك شخص بيدي ففزعت حتي كدت اصرخ بأعلى صوتي، لكن الشخص بادر بترديد كلمة السر، فبدأت التقط أنفاسي، فقال لي "خذ الرسالة واتبعني"، و انا لا يزال ينتابني بعض الفزع، و لم أرى وجهه فهو مع الليل حالك كان ملثما . " قلت له هل ستتسلمها؟ قال لست مكلفا بذلك لكن سأدلك على المكلف بتسلمها"
عرفت ان الحركة كانت تراقب الوضع ، و لم تتصل بي حتي مغادرة السيارة الرسمية، دخلت المنزل، أخذت الخنشة، وهو ما لاحظه ابي، فأوصاني ثانية بالحذر، سار الرجل أمامي بدون كلام نحو الغرب مر بين منازل اهل سيدى يعرف و المستوصف، ودخل "افريير" من شمال اهل لكهيل، و سرنا في تلك الغابة الموحشة، توجهنا شمالا حتي اصبحنا نسمع كلام اهل " حي مدينة"، تركني في زاوية في شمال غرب "لحديد" كما يسمى انذاك عند اهل "الصنكه"، و قفز الشباك نحو مخيم في مكان منزل الوزير السابق باب ول سيدي حاليا، و امضي نحو عشر دقائق، كانت بالنسبة لي كالسنة، لسبب فزعي و قشعريرة جلدي من المكان الذي بقيت فيه، رجع الي رفقة رجل قصير القامة اسود اللون فقال لي هذا صاحب الرسالة،و كرر هو الآخر كلمة السر للتأكد، سلمته الخنشة، بارتياح كبير و رجعت انا وصاحبي دون أن يكلم احد منا الآخر حتي الدشرة ثم تفرقنا. نمت مرتاحا البال وفي نفس الوقت قلق، حتي أغادر المذرذره بعد انتهاء هذه المهمة الصعبة، و آمل ان لا تكلفني الحركة بعدها بمهمة مماثلة، عند صلاة الصبح، توجه والدي إلى المسجد المجاور فرجع مباشرة و ايقظني، قائلا : الدشره صبحت الا المناشير و الكتب "اعل جميع الجدران" و لازم "توخظها حالا ول لا يكردك "لحرور" و لا اتكيس التاكلالت لاه الودو لك فم و يحكموك".
خرجت مسرعا نحو خيام شرث المدينة ، فوجدت صاحب جمل حملني إلى البادية، و بقيت هناك خمسة عشر يوم، قيل لي ان الدرك قدمو ا عدة مرات يبحثون عني في التاكلالت،
وقد عرفت بعد فترة ان من رافقني لتسليم الرسالة هو اسلم ول سيدي، وان الشخص الذي استلم الرسالة هو براهيم ولد ممادي.
محمد ولد اعلي ولد سيدي يعرف