على الرغم من أن ألفريد نوبل لم يضع معايير ثابتة يتم على أساسها اختيار الفائزين بجائزته، فكل ما أراده هو أن يتم إعطاؤها لأشخاص قدموا خدمات للبشرية- فإن الصورة النمطية للنساء جعلت استحقاقهن للجوائز أمراً غير واضح من قِبل اللجان المسؤولة عن اختيار الفائزين بالجائزة.
فنسبة الذكور الحاصلين على الجائزة تعكس تجاهلاً متعمَّداً لإنجازات النساء؛ إذ لا ينسى التاريخ رفض بيير كوري، زوج البولندية ماري كوري (اكتشفا معاً ظاهرة الإشعاع )، تسلُّم جائزة نوبل؛ احتجاجاً على عدم ترشيح زوجته للجائزة؛ مما دفع مجلس الجائزة لقبولها في ترشيح متأخر وأصبحت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل عام 1903.
.لائحة قصيرة
وقد لاحظ العديد من العلماء أن هناك مشكلة أساسية تتعلق بمنح جوائز نوبل للنساء في مجال العلوم، فهناك اثنتان فقط من النساء إلى الآن قد حصلتا على جائزة نوبل في الفيزياء وهما:
- البولندية ماري كوري (1903) حصلت على جائزة نوبل لدراساتها في النشاط الإشعاعي.
- الألمانية ماريا غوبرت-ماير (1963) حصلت على جائزة نوبل في الفيزياء مشاركةً مع زوجها هانز ينسن؛ لاكتشافاتهما المتعلقة بنواة الذرة عام 1963.
ولا تعتبر الفيزياء المجال الوحيد الذي حصلت فيه قلة من النساء على جائزة نوبل، فحتى الآن فازت 4 نساء فقط بجائزة نوبل في الكيمياء؛ وهن:
- البولندية ماري كوري (1911)، حصدت كوري جائزة نوبل ثانية في الكيمياء؛ لاكتشافها الأكتينيوم ولدراساتها المسهبة للراديوم والبولونيوم.
- الفرنسية إيرين جوليو كوري (1935): وهي ابنة ماري كوري، وقد حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء مناصفةً مع زوجها؛ لاكتشافهما عناصر مشعّة جديدة عام 1935.
- الإنكليزية دوروثي هودجكن (1964): حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء؛ لأنها حددت بعض التراكيب باستخدام الأشعة السينية عام 1964.
ويزيد عدد الفائزين بنوبل للكيمياء الذين اسمهم روبرت على عدد النساء اللاتي فزن بالجائزة، كما لاحظت "بي بي سي".
هناك 17 امرأة فقط فزن بجائزة نوبل في الفروع العلمية الثلاثة منذ تأسيس الجائزة عام 1901، ولم يفز بنوبل في هذه الفروع الثلاثة عالم أسود حتى الآن.
وكأن جائزة نوبل للعلوم تفضل الرجال ومن أصل أوروبي وكذلك الباحثين الأوروبيين والأميركيين بشكل عام!
سيدات استحققن اللقب
اكتشفت عالِمة الفلك الأميركية فيرا روبين الشذوذ في حركة المجرات، كما قدمت أدلة على وجود المادة المظلمة (واحدة من أكبر الأسرار الكونية)، لكنها لم تحصل على جائزة نوبل على الرغم من أن العديد من العلماء أكدوا استحقاقها الفوز بالجائزة. وقد توفيت روبين عام 2016، مما جعل عملها المتعلق بالمادة المظلمة، التي يُعتقد أنها تشغل معظم كتلة الكون، غير مؤهل للاعتراف به.
وقد تم ترشيح عالِمة الفيزياء النمساوية ليز ماينتر للفوز بجائزة نوبل في مجال الفيزياء والكيمياء ما لا يقل عن 48 مرة من قِبل أشخاص مختلفين بين عامي 1937 و1965. ولكنها توفيت عام 1968 من دون أن تحصل على جائزة نوبل ولو لمرة واحدة.
وجدير بالذكر أن الكيميائي الألماني أوتو هان، الذي تعاقد فترة طويلة مع ليز مايتنر، حصل على جائزة الكيمياء للانشطار النووي عام 1944، لكن مايتنر لم تشاركه الجائزة.
كما رُشحت عالِمة الفلك البريطانية-الأميركية مارغريت بوربيدج في عام 1964 لجائزة نوبل في الفيزياء، ولكن في هذا العام كانت الجائزة من نصيب كل من تشارلز تاونز ونيكولاي غيناديافش باسوف وألكسندر ميخالوفيتش بروخوروف على أعمالهم في مجال الإلكترونيات.
كما شهدت كل من الفيزيائيتَين بورنيل، وشيان شيونغ وو، على فوز زملائهما في الأبحاث التي شاركتا العمل فيها، ولكنهما غابتا عن قائمة المرشحين.
نساء الطب والأدب أفضل حالاً
الوضع في مجال الطب ليس أفضل إلا قليلاً، حيث فازت 12 امرأة بجائزة نوبل للطب منذ بدايتها، وبلغ عدد النساء الحائزات جائزة نوبل في الأدب 15 امرأة، فعادة ما تكون جوائز أخرى في مجال الآداب مثلاً أكثر عدلاً من حيث المساواة بين الجنسين.
أما بالنسبة لجوائز نوبل للسلام، فحصلت 16 امرأة على الجائزة، وكانت المرة الوحيدة التي تحصل فيها امرأة على جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية عام 2009 وقد حصلت عليها عالِمة السياسة الأميركية إلينور أوستروم، فمن الواضح أن علم الاقتصاد ليس المجال المفضل لأغلبية النساء.
وهناك مشكلة رئيسية أخرى تكمن وراء غياب المرأة عن جوائز نوبل، وهي أن 3 أشخاص فقط يمكنهم تشارك الجائزة الواحدة، لكن معظم الأبحاث، وخاصة في الفيزياء، يشارك فيها الكثير من الباحثين، كما يمكن أن يمكن أن يصل عدد المؤلفين إلى مئات بالنسبة لأبحاث علمية ما.
زد على ذلك أنه في بعض الأحيان، لا تُمنح جوائز الإنجاز العلمي حتى بعد مضي عقود على الانتهاء من الأبحاث الأولية.
لا يزال الحصول على جائزة نوبل في مجال العلوم أبرز حاجز لا تستطيع المرأة تخطيه في المجال العلمي لتحقيق مساواتها مع الرجل، وذلك رغم وجود مبادرات (مثل أثينا سوان) ومنظمات (مثل ستيميتس)، تعمل في مجال تعزيز دور المرأة وتشجيعها ودعمها في التخصصات العلمية.