دقة - حياد - موضوعية

بالمعنى الكامل والتام للديمقراطية…/ أحمد ولد الشيخ

2017-05-24 05:42:03

في يوم الجمعة 12 مايو، بينما كان السيناتور المعارض، محمد ولد غده، يقود سيارته على طريق روصو متوجها إلى نواكشوط، تعرض لحادث سير.  لقد أراد تفادي جمل شارد، وفقد السيطرة على سيارته وخرج عن الطريق. رأى سكان كوخ على جانب الطريق السيارة تزحف نحوهم ففروا إلى كل الاتجاهات.

.

اصطدمت السيارة بامرأة وطفلها فماتا وأصيبت أخرى بجروح خطيرة. تم إعلام الدرك فجاء بسرعة إلى المكان. بدأ الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالة. ولكن بعد بضع دقائق، صعد الخبر إلى السلطات العليا وفجأة تغير المشهد تغيرا تاما: تم تفتيش سيارة السيناتور من أعلى إلى أسفل وصودرت هواتفه ووضع رهن الاعتقال، على الرغم من حصانته البرلمانية التي يجب، في دولة القانون العادية، أن تحميه من الاعتقال المفاجئ. ثم بدأت سلسلة طويلة من الإهانات لجعل السيناتور يدفع ثمن “وقاحته”. ها هو يعتقل في مكان سري ويمنع من الزيارات. بل إن محاميه، الذي هرع من نواكشوط، منع من مقابلته لمدة ثلاثة أيام. واستخدمت الصحافة الطيعة لتنشر معلومات كلها زور وبهتان: لا تتوفر السيارة على بوليصة تأمين صالحة، تم اعتقال السيناتور في حالة تلبس، الشيء الذي يرفع حصانته بالفعل، حسب ما تم ترويجه.  وبعد التحريات، تأكد أن كل ذلك لا أساس له على الإطلاق. وليس سوى الفرصة الذهبية لجعل هذا السيناتور المتحمس يدفع ثمن معارضته لا للتعديلات الدستورية فحسب، ولكن أيضا لجميع انحرافات النظام الحالي التي ما فتئ يشجبها.

بعد ثلاثة أيام من الحراسة النظرية، أحيل ولد غده إلى القاضي وتمت برمجة الملف لإصدار حكم معجل. عندها صعد مجلس الشيوخ إلى المسرح، حيث قرر زملاؤه، الذين لم يعودوا يشعرون بالأمن، تفعيل المادة 50 من الدستور التي تنص على أنه “يعلق اعتقال عضو البرلمان أو متابعته إذا طلبت ذلك الغرفة التي ينتمي إليها”.  شكل ذلك إنذارا رسميا حسب الأصول القانونية موجها إلى النيابة العامة، ومن ورائها إلى وزير العدل وإلى مجموع السلطة التنفيذية التي لم يرتح رئيسها لهذا التمرد الجديد من قبل مجلس الشيوخ.  كان القضاء ـ مكره أخوك لا بطل ـ لا خيار لديه سوى إطلاق سراح السيناتور.

ومن وراء هذا المشهد المؤسف، ها نحن نرى أن أي شخص يعبر عن رأي مخالف أو يظهر معارضته للنظام يجد نفسه في حالة حرية مؤقتة.  وعند أبسط شيء، يرسل فورا إلى السجن. ولكن يجب علينا أن لا نحني الجبين، رغم ذلك!  إن الذي لا يستنكر الظلم يصبح شريكا فيه. وفي هذه الحالة، تتحمل الصحافة، “السلطة الرابعة”، مسؤولية كبيرة، شأنها في ذلك شأن المجتمع المدني. لذا يجب عليهما دخول الميدان.  يا معشر المواطنين نددوا بأفعال النظام غير الشرعية، افضحوا، من خلال نشر الاسم والصورة، الموظفين الذين يرضون لأنفسهم بهذه اللعبة: وكلاء الضرائب والقضاة ورجال الشرطة والدرك وجميع الضباط والجنود والسفلة الذين يقبلون تنفيذ أي عمل غير قانوني… خوفوهم! ضعوهم أمام مسؤولياتهم: إن الشرطي الذي يعتقلني ويصادر هاتفي أو يرتكب أي فعل آخر أعتبره مهينا أو غير قانوني أو غير مدني، يجب الكشف عنه مع صورته واسمه والسلك الذي ينتمي إليه (الشرطة، الدرك، القضاء، الخ). دعونا نكرر ذلك، معشر المواطنين، تحت الخيام وفي الأكواخ! يجب على كل واحد منا في كل يوم وكل لحظة أن يعيش ويجعل الآخرين يعيشون سلطة الشعب، أي الديمقراطية بالمعنى الكامل والتام للكلمة.

تابعونا على الشبكات الاجتماعية