دقة - حياد - موضوعية

الشرق الموريتاني ومؤشرات التحول السياسي

2017-05-18 00:51:16

في أواخر 2007 بدأت الشرارة الأولى لاندلاع ثورة الجياع او ما سماه البعض العصيان القادم من الشرق حيث خرج الآلاف في شوارع المدن والقرى ينددون بالإرتفاع المذهل لأسعار المواد الغذائية وأسعار المحروقات والماء والكهرباء. موجة غير مسبوقة من المظاهرات شهدتها مدن النعمة وعدل بكرو وتمبدغة وكيفة وكنكوصة… خلفت قتيل وعشرات الجرحى وأضرار مادية جسيمة.

.


كانت ثورة الجياع هي الصرخة التي كسرت الجمود الذي إعتادت عليه المناطق الشرقية والتي تميزت على مدى تاريخها الحديث بأنها معاقل لأنصار الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد، كانت تلك الثورة مؤشر بالغ الدلالة على أن آليات التحكم المعهودة لم تعد تجدي وأن رأسي الكماشة (الزعامات التقليدية والأطر)بدأوا يفقدون السيطرة

كانت الإنتخابات التشريعية والبلدية التي أجريت سنة 2013 هي المؤشر الثاني على أن أهل الشرق عموما بدأوا يتملصون من الولاء المطلق لحزب السلطة وبدأ منسوب الوعي السياسي في إرتفاع ففي مدن كبرى كانت الى الأمس القريب تعد من معاقل الأحزاب الحاكمة صوت الناخبون في هذه الانتخابات ضد « حزب الدولة ».
فقد صوت أهل النعمه وجكني واعوينات ازبل ومركز أطويل والغايرة وبلديات أخرى لأحزاب معارضة وهي إشارة واضحة مفادها أن أهل الشرق بدأوا يتوقون لممارسة سياسية أكثر وعي وأكثر تحرر من القيود التقليدية..

تم استقبال رئيس الجمهورية في زيارته الأخيرة والتي سبقتها للمنطقة بالبراميل الفارغة والمطالبة الصريحة في عديد المدن بتوفير الماء الصالح للشرب..

ظهور بعض منتخبي المنطقة وكبار سياسييها وهم يدافعون عن خيارات سياسية تتعارض والتوجه العام للنظام وهي سابقة في التاريخ السياسي للمنطقة، كانت كل الأنظمة السابقة تتعامل مع مثلها بكثير من الحزم والصرامة ليظل الصوت السائد في كل المنطقة هو ما يتلائم بشكل تام مع السيمفونية المعزوفة من قبل حزب « الدولة »

ظهور تسجيل لزعماء قبيلة كبيرة و وازنة وهم يعبرون عن غضبهم من النظام وسياسياته التهميشية وهي سابقة كذالك لم يكن أحد يتوقع ان يتصدرزعماء تقليديون مشهد رفض الظلم والتهميش. حتي وان اعلنوا في مهرجانهم بالأمس عدولهم عن الموقف من التعديلات الدستورية ففي خرجتهم السابقة رسالة بالغة الدلالة..

موقف شيخ الطريقة الحموية من النظام وهو الموقف الذي سيكون له الاثر الكبير على مجريات الأمور السياسية على الأقل في مقاطعة كوبني، فكلكم تعرفون ان مقاطعة كوبني و منذو بداية المسار الديموقراطي كانت تشكل كابوس يؤرق كل المعارضين بفعل السيطرة شبه المطلقة للشيخ عليها وأقتناعه بخيارات الأنظمة المتعاقبة..

ظهور جمعيات ومبادرات شبابية في كبريات المدن والقرى تعمل على تثقيف المواطنين وتوعيتهم بحقوقهم و واجباتهم، وتأخذ في غالبها مواقف مناوئة للممارسات السياسية التقليدية ويرون أنها هي السبب في تخلف وتهميش المنطقة. سيكون لهذه المبادرات الأثر البالغ في تغيير عقلية المواطن البسيط وبدأت بالفعل نتائج هذا الحراك ترى النور..

انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع بين الأوساط الشبابية مكن الكثيرين من التعاطي مع القضايا الوطنية و المحلية والتطلع لحياة أفضل وساهم بشكل فاعل في تغيير العقلية

مؤشرات من بين أخرى تظهر أن الشرق الموريتاني بدأ بالفعل في تحول سياسي كبير وان على كل الفاعلين السياسيين – من موالاة ومعارضة- مراجعة النظرة السائدة لديهم عن المنطقة قبل فوات الأوان.

محمد محمود ولد عبد الله

تابعونا على الشبكات الاجتماعية