دقة - حياد - موضوعية

الجهوية اللعينة؟ / د. سيد محمد ولد جعفر

2017-12-12 06:45:50

مكرة مسلحون بمعرفة عميقة لعقليات البدوي "المتحضر" يجيدون السباحة في المياه الآسنة، مهرة في اقتناص اللحظات التي يكون فيها الوضع مرتبكا ومتشنجا، فتاتي طعنات أسنتهم الحداد في المفاصل المُقعِدة، ضحاياهم في الغالب أبرياء، لزخرف القول وقع شديد عليهم إن غلف بوهم مجد تليد، ولاستحضار الماضي مفعول سحري لديهم ، حتى أنك ترى بفعله من تظنه لبيباً سكران لوقع وخز تلك الإبر السامة، تراه مندفعاً للذب عن الحمى "المخفور" بظنه، إنهم مكرة يحاصرون هذا المجتمع كلما زاور عن فخ مهلك منصوب له من لاعبين كثر

.

.

بشق الأنفس بدأ المجتمع يبتعد عن كل "البيراميات" وقبلها مادت سفنه وأظلم ضحاه في سنوات كاد يتيه ولما يكمل عقده الأول، أحداث (1966) وعند نهاية عقده الثالث (1989) عمه الهرج، محن متالئبات وقى الله شرها بدون حكماء ينيرون الميسم، لم يعد فينا من ينه عن منكر واضح، أو يأمر بمعروف ناصح،الخطوب تحاصرنا، والقوة وحدها هي الفيصل المتحكم في قواعد تعاطينا مع أزمات الأنفاق المتعرجة والظلمات الداكنة التي ألفناها صاغرين أو دون وعي منا. نفض المكرة هذه الأيام كنانتهم، فاستلوا سهما لا يخطأ أفئدة الدهماء، فانتشر كالهشيم، سهم محمل بكل مضامين الجهات، (لعبة المتخلفين الشرك والكبلة المفضلة) ومحملا بأنواع السب والثلب والكراهية والبغضاء والوقوع في الأعراض، رافعا قوما إلى علياء، وخافضاً آخرين إلى قاعٍ سحيق، هؤلاء يستطيعون البقاء بما أوتوا من مال وفير وفكر صقيل، وهؤلاء لا يجدون حيلةً لِعيش، هؤلاء يرسمون الخطوط من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين، وقرمهم "الموهوم" في سبات عميق من شدة الجهل والفاقة، هؤلاء حسدة واشون، وهؤلاء متملقون لمن يملك السلطة والجاهة ، لم يسلم الأموات من هذه السخافات، ولم تنج البيوتات الرفيعة حيث كان لبعضها نصيبا مفروضاً مثل بيت المجد من "آل أحمد بن دمان التروزي" وبيت المجد "آل محمد محمود ولد لمحيميد المشظوفي" زج بهما في أتون جهوية بغيضة لم يبيعوا بها ثمناً، وغدا غيرهم قد يتعرض لشتم منظوم أو منثور، ترى ما ذا يُراد لشعب فقير محتقر من حاكم سليط جمع عليه المكاره من كل أوب، وأذله في قوته؟ أو ليس لدينا من الأزمات ما يجعلنا في غنى عن كل هذا؟ ترى من المسؤول؟ ومن المستفيد من الشحن الجهوي هذا؟ إنهم أغبياء الجهتين أدوات المخابرات الطيعة التي بها فلت وحدة المعارضة الواعدة في فجر المسلسل الديمقراطي، فرفعت يافطة الجهة من الطرفين، هذا شامتا وهذا حاقداً.

في هذه المرحلة الحالكة من تاريخ البلاد نشروا السب والشتم الجهوي، حتى يجدوا متسعا لترتيب أمورهم أو مأموريتهم بعيداً عن أي حراك ضاغط، وعند ما ينقشع الظلام تكون النفوس قد امتلأت غيظا وتنافراً وتدابراً فتضيع فرصة التغيير الجوهري.

تابعونا على الشبكات الاجتماعية