دقة - حياد - موضوعية

الشيخ محنض بابه بن اعبيد الديماني

2016-12-25 05:49:18

هو العالم العلامة القاضي المفتي المدرس الذي اعترف أهل عصره بتبريزه وإمامته: الشيخ محنض بابه بن اعبيد بن أحمد بن المختار بوي بن يعقوب بن باركلل فيه بن يعقوبنلل بن ديمان. كان أبوه اعبيد فتى سائسا هماما، وكانت أمه تَانِيتْ بنت المختار بن الطالب أجود عارفة صالحة مشهورة بالعقل والبركة والسداد، وقد سمته باسم خاله الصالح محنض بابه بن المختار بن الطالب أجود.

.

ولهذه التسمية أصل تاريخي حيث لم يكن اسم محنض بابه بهذا التركيب موجودا في البلاد قبل محنض بابه بن المختار بن الطالب أجود هذا، وذلك أن أمه مريمنا بنت امحمد الأمين بن محنض بن صباره بن بابحمد الديماني دخل عليها ومعها أخواتها والدها امحمد الأمين، وكان امرءا صالحا مكاشفا، فسألهن: "أيكن أم محنض بابَنْ (= محنض باب أن)؟"، ومعنى "محنض بابَنْ" في اللغة الصنهاجية التي كانت هي المتكلمة في المنطقة في ذلك العصر: محنض أبي، أي أيكن أم محنض أبي؟، يقصد بذلك أيكن ستلد ابنا يحمل اسم محنض أبي، يعني والده الصالح الورع محنض بن صباره بن بابحمد، فأجابته ابنته مريمنا أنا. ثم إنها أنجبت من زوجها المختار بن الطالب أجود ابنا سمته باسم جدها محنض بن صباره، فصار يخاطب بمحنض بابه (أي محنض الأب) تصديقا لما جرى قبل ولادته بين أمه مريمنا ووالدها امحمد الأمين، حتى صار لا يعرف إلا بذلك الاسم. ثم إن محنض بابه بن المختار بن الطالب أجود هذا لما كبر وعرف بدوره بالصلاح والورع سمت أخته تانيت بنت المختار بن الطالب أجود التي تزوجها اعبيد بن أحمد بن المختار بوي الديماني ابنها باسمه، فكان هذا سبب هذه التسمية المركبة، وسبب تسمية محنض بابه بن اعبيد بها.
ولد في ذي الحجة سنة: 1185هـ، باتفاق العلماء والمؤرخين الذين ترجموا له كتلميذه وابن خالته ميلود بن المختار خي في كتابه الذي ألف في مناقبه واسمه "عيون الإصابه في مناقب الشيخ محنض بابه"، وأحمد بن الأمين في كتابه "الوسيط"، وسيد أحمد بن أسمه في كتابه: "ذات ألواح ودسر"، وهارون بن الشيخ سيديا في كتابه "الأخبار"، وأحمد سالم بن باكا في كتابه "تاريخ إمارة الترارزة"، وحفيده المختار بن حامدن في موسوعته "حياة موريتانيا" التي تمثل مصدر أهم مضامين هذا البحث.
وانتهت إليه كما في عيون الإصابة "الرئاسة في القضاء، نصبه لذلك أهل الحل والعقد من الزوايا والحاجيين والديمانيين وغيرهم من بني أحمد بن دامان" أمراء المنطقة، فكان القاضي الرسمي للإمارة في عهد الأمير العادل محمد الحبيب بن أعمر بن المختار.
"
وكان رحمه الله لا يميل مع الأهواء في فصل القضاء، ولا يحكم إلا بالمشهور في جميع الأمور، وربما مال إلى الشاذ لمصلحة في ذلك، أو لعرف وافقه كما هو المنصوص في شأن المجتهدين العارفين بالمدارك. لأنه من أصحاب الوجوه، وهم أعلى مراتب الاجتهاد. بل كان من أرفعهم درجة، في حسن الاستخراج والانتزاع، وأبعدهم من الميل عن الحق، والابتداع، فهو من المبرزين في المذهب، المرتفعين عن درجة التقليد إلى رتبة الاختيار والترجيح، فقد اجتمعت فيه شروط مجتهد المذهب من كونه عالما بالفقه وأصوله، وأدلة الأحكام تفصيلا بصيرا بمسالك الأقيسة، والمعاني تام الارتياض في الترجيح والاستنباط بإلحاق ما ليس منصوصا عليه بأصوله، بل اجتمع فيه أكثر شروط المجتهد المطلق أو جميعها".
وكان يرى على نفسه وهو في البلاد السائبة ما على الإمام الأعظم، من تنفيذ الأحكام، وأخذ الحق من الظالم، إن استطاع إلى ذلك سبيلا، فقتل أشخاصا قصاصا وحرابة وعزر وأيد الله به الحق ونصر، وأظهر أمورا من الدين لم تظهر قبل.
وبين كثيرا من الأوهام والتحريفات التي فاتت على العلماء قبله في الفقه وفي اللغة. وكثر اللجوء إليه في النوازل والأقضية، فرفع منار القضاء، وجدد رسم الإفتاء، بما سلمه الأعلام وحظي بإعجابهم، كالمرابط محمذنن فال بن متالي التندغي الذي مدحه حيا ورثاه ميتا، والشيخ محمد المامي الذي عرض عليه نظمه لخليل، ونوه به، والعلامة بابه بن أحمد بيبه العلوي الذي قال منوها بعلمه:
علم ابن اعبيد علم ليس يشبهه​علم فيا حبذا ما الله موليه
من يرفع الله لا ينفك مرتفعا​​ومن يضعه فما شيء بمعليه
وكان لا يفتي إلا بالمشهور إلا لمصلحة يراها اقتضت ذلك، فمن فتواه بغير المشهور: أنه كان يحلف الشهود لما رأى من التساهل في الشهادة. ويرى أن قول العاقد: "لاسابقة ولا لاحقة" إنما تطلق به إذا وقع السابقة أو اللاحقة لا المعقود عليها. لأن مقصودها أن لا تجتمع مع غيرها في عصمة، ولأن اليمين- أي التعليق- لا بد له من لفظ. ومثل هذا في فتاويه كثير.
وكانت تأتيه الأسئلة من أقطار البلاد، ويجيب عنها فكثرت فتاويه وانتشرت، وقد نظم هذه الأجوبة او بعضها كل من العالمين: زين بن اجمد اليدالي، وعبد الله بن مختارنا الحاجي.
ودرس الشيخ محنض بابه القرآن والعلم في سن مبكرة، وكان أول من رغب إليه في التدريس أولاد بزيد، ثم انتشر صيته، وظهر علمه، ودامت محظرته العامرة سبعين سنة، حتى جمعت بين الرجل وابنه وابن ابنه، وتخرج عليه أفواج لا يحصون من العلماء.
كما ألف المؤلفات العديدة النافعة فقها وأصولا ولغة ومنطقا، وطارت الركبان بمؤلفاته، لاسيما ميسره الذي شرح به متن الشيخ خليل، وألفه في نسختين مطولة، ومختصرة، وأودع في النسخة المختصرة ما لم يودع في النسخة المطولة، وشرح فيها أبوابا لم يشرحها في النسخة المطولة، وكان يقول عن ميسره الصغير مقارنا إياه بميسره الكبير: قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر. وقد ألف محنض بابه كتابه الميسر بإشارة من خاله العلامة الصالح أحمد الملقب حمدي بن الطالب أجود الذي يقول فيه وفي ذويه محنض بابه:
ومن يك ذا خال فيبأى بخاله​​فإني بحمد الله خالي أحمد
ومن كان أمسى أعجبته جدوده​فإني بحمد الله جدي أجود
ومكث نيفا وأربعين سنة يحرره، فأودعه زبدة الفقه المالكي، وأعرب فيه -كما في عيون الإصابة في مناقب الشيخ محنض بابه- عن حفظ، وفقه (...) فهو كتاب لو كتب بماء الذهب أو وزن بالجوهر فهو قليل في حقه، بين فيه تحريفات في نص المختصر لم تبين قبله عمي على الشراح وجهها، فصاروا يشرحونها بما لا يطابقها، فطارت بهذا الكتاب الركبان، واحتفى به العلماء، وقرظوه وامتدحوه وعولوا عليه في فتاواهم ودروسهم. فممن قرظه أو أشاد به الشيخ محمد المامي، ومحمذنن فال بن متالي، ومُحَمَّدو بن حنبل الحسني، ومُحَمَّد لوليد بن عبد الله بن المعلوم الإچكوچي، ومحمذنن فال بن أحمدُّ فال التندغي، ومحمد حمدي بن حبلل اليعقوبي، ومحمذنن أغربط بن محمد فال الحاجي، ومحمذنن بن احميد الديماني، وغيرهم.
ولم يزل العلماء منذ صدوره يكتبون عنه عزوا ونظما واستدراكا، فنظم مُحَمَّد بن أحمد بن احبيب البهناوي الميسر مع نص خليل، ونظم أبو بكر بن أحمد بن محنض بن هايت ما في الميسر من فرع وفائدة وتنبيه.
ولمحنض بابه فضلا عن الميسر مؤلفات كثيرة مشهورة في الأصول واللغة والمنطق وغيرها، وله ردود ومطارحات مشهورة مع عدد كبير من علماء عصره، من أشهرها نازلة الحبس مع العلامة حرمة بن عبد الجليل، وكان مع محنض بابه العلامة باب بن أحمد بيبه، وآخرون، ومع حرمة العلامة ادييجه الكمليلي وآخرون. وقد دون هذه النازلة بتفصيل العلامة محمد يحيى بن ابوه الموسوي في رحلته.
واجتمع محنض بابه وهو شاب بعلامة الغرب الشيخ المختار بن بونه الجكني، فأعجب به وجرت بينهما مطارحات، ومسائل.
وكان محنض بابه مع علمه عارفا، أخذ الطريقة التجانية على يد الولي الصالح سيدي مولود فال اليعقوبي.
وكان أيضا أديبا شاعرا، ألف أول مقامة شنقيطية محفوظة، وقال الشعر في المسائل العلمية، ومدح ورثى، فممن مدح العلويين بعينيته المشهورة:
"
دع المدح يغدو في مسارحه يرعى ​ولا ترعه إلا كلأ طيب المرعى"،
ولمرابط محمذن فال بن متالي الذي مدحه بدوره.
وممن رثى الشيخ أحمد بن العاقل بقصيدته التي مطلعها:
لقد صكت الدنيا بداهية دهيا
بأحمد نجل العاقل العاقل الذي 
إذا اختلف الأشياخ في حل مشكل 
تفلق من هاماتها القنن العليا
إذا بالغ المغيي يكون به الإغيا 
فأحمد بين القوم أحمدهم رأيا
ولم يزل يفتي ويدرس ويقضي ويؤلف، حتى توفي ليلة الأربعاء رابع صفر عام 1277هـ عن اثنتين وتسعين سنة، فرثاه الشعراء والعلماء، وأرخ لوفاته هو والأمير العادل محمد الحبيب الذي توفي معه في نفس الشهر على طريقة الفشتالية الشيخ محمذن فال بن متالي الذي رثاه بقصيدة مشهورة.
وترك محنض بابه خمسة أولاد هم على التوالي: محمذن ، ثم أحمد، ثم حامد، ثم محمودًا ثم عبد الله. وكانوا كلهم علماء وقضاة ومدرسين ومفتين وفضلاء.
1-
ابنه محمذن بن محنض بابه
توفي سنة: 1319هـ، وكان عالما قاضيا، له رسالة في حرف الجيم وأخرى في تسهيل الهمزة، وأخرى في تحذير العلماء من التساهل في القضاء والفتوى، وله فتاوي متفرقة. وقد برع في القرآن وكان يقول: شغلني القرآن عن العلم.
ترك محمذن بن محنض بابه ثلاثة أولاد هم: حامدن، المتوفى عام 1363هـ، وعبد الله الملقب إياين وكان صالحا منفقا توفى حول 1360هـ، ولم يعقب ذكرا، وبارك الله المتوفى سنة: 1362هـ. كان بارك الله سيد قومه ومكرم أضيافهم، وإمامهم في المصلى له أنظام متفرقة. وأعقب بنيه: أحمدُّو، وأحمد سالم، ومحنض. أما محنض فتوفى سنة: 1366هـ، من غير عقب وله شعر ضاع أكثره. وأما أحمد سالم فهو قارئ مجود عالم بعلم الأداء، مواظب على تلاوة القرآن توفي قبل بضع وثلاثين سنة، ورثاه المختار بن حامدن بمرثيته الشهيرة:
فقيد بني ديمان أحمد سالم​فقيد فقيه مسلم ومسالم
وله بحث في وجوب الزكاة في الأوراق النقدية المتعامل بها اليوم. وأما أحمدُّو بن بارك الله، فتوفى سنة: 1362هـ وكان عالما حسن الخط، مقبلا على نسخ ودراسة النصوص، وله إنتاج أدبي وعلمي ضاع، وله إجازة تامة خاصة وعامة في الحديث والأصول والفروع من العلامة مُحَمَّد عالي بن فتى العلوي.
أما حامد بن محمذن بن محنض بابه فكان عالما جليلا، عاقلا لبيبا، حكيما طبيبا، فاهما محققا، إليه انتهت رئاسة المنقول والمعقول في منطقته، كانت محظرته بآمنيكير وانديكني عامرة، وقد درس عليه أعلام كبار كالشيخ محمد عالي بن عدود المباركي والشيخ محمد يحيى بن ابوه الموسوي.
وله أنظام كثيرة وتحقيقات مختلفة، وله فتاوى مختلفة وأمالي ورسائل في شتى العلوم.
وقد توفي عام 1363هـ، عن 88 سنة، وترك ابنيه: المختار بن حامدن ومحمذن الملقب امين بن حامدن.
أما المختار فهو العالم المؤرخ الأديب الموسوعي المعروف، وأما أخوه محمذن الملقب امين فكان عالما نشأ في طاعة الله والانكباب على التعلم والتعليم، شاعرا مطبوعا لا يقل شأوا عن أخيه المختار، لكن الموت اختطفه قبل بلوغ الأربعين، حينما أصابه هو وزوجه برق فيه صاعقة، ولم يحفظ من شعره إلا مساجلة بينه وبين أخيه المختار الذي بدأها فقال وقد لاح البرق:
هلم نشم برقا أضاء له الشرق
فقد هاج لي شوقا أما شاقك البرق
فقال امين:
بلى شاقني البرق الذي لاح ضوؤه
فأوقد نارا في الحشا فكأنما
وأرقني ورق سجعن بأيكة
ألم ترني مذ لاح لم يرق لي مؤق 
بقلبي من الأشواق أشرقت الشرق
على مورق منها فهل شاقك الورق
فقال المختار:
نعم شاقني الورق السواجع بالضحى 
وأرقني طيف لخرقاء زارني 
فهيج ما قد هيج البرق قبله
فهل هاج خرق الطيف للخرق في الدجى
كما شاقني البرق المضيء له الشرق
على حين خرقا دونها مهمه خرق
وما هيجته الورق فاتسع الخرق
لقلبك ما قد هاج لي ذلك الخرق
فقال امين:
نعم زارني طيف كذلك هاجني
ودور كرق فيه رقم منمق
حشون الحشا حرا وضاعفن حرقه
فما بين ذاك الطيف والطيف ذا فرق
فأطلالها رقم وأحقافها رق
فهل في حشاك الحر ضوعف والحرق
فقال المختار:
نعم في الحشا أذكى الغضى ربع ذي الغضا
فما أنت والأظعان ميا وخرنقا
غداة رمت خرقاء من خرق خدرها
فمت فعهدي بي ضحى لا حراك بي
وأعلاب مسعود وأعلامه الزرق
وخرقاء إذ يحدو بها السائق الخرق
بسهمين عن قوسين نزعهما غرق 
لقا في المغاني ليس ينبض لي عرق
فقال امين:
وحق حداة الحي إذ مي فيهم
لقد خرقت مي فؤادي وخرنق 
فكل فرت فرقا ففرق لخرنق 
كما اقتسمته الدور والطيف قبلها
وإذ خرنق فيهم وإذ فيهم الخرق 
وخرقاء خرقا فيه للعادة الخرق 
ومي لها فرق وخرقا لها فرق
وورق الحمى والبرق فانسدت الطرق
وكانت وفاة امين سنة: 1359هـ عن نحو 39 سنة، وعن ابنيه العلمين المعروفين: القاضي عبد الله العلامة العابد العارف المؤلف حفظه الله تعالى، وأخيه القطب المشهور الورع الزاهد محنض بابه حفظه الله تعالى الذي تدور عليه اليوم بلا منازع رحى العلم والتربية في هذه البلاد، بل في سائر الأقطار، وكتبه شاهدة بذلك، ومن أبرزها كتاباه الموسوعيان سلم المرتقين إلى درجات المتقين والمباحث الفقهية. فهو وارث جده محنض بابه في كل شيء، وهو أول من تسمى من ذريته باسمه.
2 -
أحمد بن محنض بابه
أحمد بن محنض بابه وكان عالما ورعا، انقطع عقبه، وكان له ابنان: مُحَمَّد محمود، كان جميل الخط كثير التحصيل، وعبد الرحمن الورع العالم العابد الشاعر المتوفى سنة: 1356هـ.
3-
حامدْ بن محنض بابه 
حامدْ بن محنض بابه: كان قاضيا عالما قارئا، فاضلا، أوصى الشيخ محنض بابه بأن يتولى الصلاة عليه، ويالها من مزية. توفي سنة: 1323هـ عن ابنيه القارئين العابدين: مُحَمَّدا، وأحمدُّ، كان هذا الأخير جميل الخط، وتوفي حول سنة: 1362هـ عن ابنيه: المختار الملقب اگاه الذي كان أخط أهل زمانه، واباته فتى الفتيان في عصره.
وأما محمدا الملقب الدّا، فكان عالما فاهما، مقبلا على شأنه، معرضا عما لا يعني مؤثرا للاختصار، له أنظام مختلفة فيها ما يدل على براعته في النحو.
توفي سنة: 1362هـ عن ابنه العالم الشاعر المجيد اللغوي المفسر أحمد بن محمدا، أدركته، ودرست عليه في محظرته بآمنيكير، وكان لا يرد لوحا، ولا يمل من الإقراء، فكان ممن ما يزال يمثل جده محنض بابه بن اعبيد علما وسمتا، وكان محنض بابه بن اعبيد يلقب اباته، وكانت زوجته الصالحة الفاضلة تدعى اماته بنت شدار الفاضلية، وكانت زوجة المختار بن حامدن الأولى مريم بنت إياين وأختها فاطمة زوجة أحمد سالم بن باركلل من آخر من ما يزالن يمثلن جدتهن اماته، فلما تقدم بهم العمر وأحس المختار بن حامدن بقرب رحيلهم، خاطبهم بقطعته المشهورة التي مطلعها:
قد كنت يا أحمد بن الدّا لنا اباتا​وكنتما يابنتي إيايا اماتا
كأن أمات ما ماتت وما فقدت​والوالد ابات لم يفقد وما ماتا
فمن تكون لنا أمات بعدكما​ومن يكون لنا من بعدك اباتا...
4 -
محمودًا بن محنض بابه
وكان قاضيا عالما مؤلفا. اعتنى بميسر والده عناية كبيرة، وجمع فيه ما في حاشية الرهوني على المختصر مما ليس في "الميسر"، لتشابه منهج الرجلين. توفي محمودا سنة: 1316هـ عن بنيه: بابه، وعبد العزيز، وأحمد محمود، ومحمد عبد الله. أما مُحَمَّد عبد الله فقد أعقب ابنه امين. وأما أحمد محمود فكان خطاطا قارئا. وأما عبد العزيز فكان عابدا ولم يعقب. وأما بابه فكان عالما شهما شاعرا مشهورا، رائق الشعر، وله باع طويل في الفقه، نقل محمد يحيى الموسوي في رحلته أنه سمع بعضا من خليل على محمذن آب، واستعار كتاب الفروق من والده، وأثنى بأبيات على جواره لهم، فرد عليه محمد يحيى بأبيات ولما يبلغ سن البلوغ.
5 -
عبد الله بن محنض بابه
وكان عالما، ورعا، صالحا صحيح الكشف. وتوفي سنة: 1310هـ من غير عقب. وقد ضاع إنتاجه مع أنه كان غاية في الجودة، ومنه قوله في رثاء الشيخ سيدي مُحَمَّد بن الشيخ سيديا ووالده، دفيني تندوجه:
حلي الزمان وغرة الإنسان
شمسان قد حلا ببرج واحد
ومحل ما يرجي من الإحسان
فاعجب لبرج حله شمسان
وله في رثاء والده محنض بابه:
تذكرت أياما مضين لوالدي
تذكرت تقواه تذكرت علمه
تذكرت منه الحق في كل مشهد
فيا حبذاه من كريم وماجد
تذكرت جدواه على كل واحد
تذكرت منه الصبر عند الشدائد
رحم الله السلف وبارك في الخلف، فليسوا إلا كما قال المختار بن حامدن في نظمه "لقطات حية":
محنض بابه وبنوه كانوا​​من الألى تذكرهم ديمان
ومن بني بني محنض بابه​محمدا وحامد وبابه
وبارك الله وفي بنيهمُ​​ما كان فيهمُ وفي أبيهمُ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحسين ولد محنض

تابعونا على الشبكات الاجتماعية