دقة - حياد - موضوعية

محمد سالم ولد امخيطرات نجم من الرعيل الأول يغيب

2016-01-29 22:34:25

في سنة 1920 وذات سحَر من أسحار إيكيدي الموغلة في الهدوء، سحر لاصوت فيه إلا للمستغفرين أو الذاكرين والمتهجدين الماحين دجى الظلمات بالقرءان، ولد طفل وضيء.

.

سماه أبوه أحمد الأمين ولد محمد فال ولد امخيطرات سماه "محمد سالم". 

ونشأ على ما ينشأ عليه ناشئ الفتيان من قومه.

 

وبدت عليه مخايل الذكاء والنجابة حدثا.

 

وبعد دراسة علوم الشرع واللغة، دخل المدرسة النظامية، وكان من الجيل الثاني من المترجمين.

 

ثم انخرط في سلك التعليم، فكان من أبرز المعلمين وأحبهم إلى الطلبة، لما يمتاز به من جد وانطباط وتربويه.

 

عمل في مدينة تمبدغة، وكان يعتبر تجربتها من أغنى تجاربه، حيث ربطته صلات وثيقة هناك بالأرض والإنسان.

 

وربطته علاقات خاصة بالعلامة القاضي الشيخ المحفوظ ولد بيّه، وأمراء أسرة اهل لمحيميد، وعلماء وأعيان المنطقة.

 

ومع بوادر الاستقلال، وفي 6 أكتوبر 1958 قررت الحكومة ابتعاث ثمانية متدربين إلى معهد ما وراء البحار، للدراسات العليا فى باريس، لتلقي تكوين سريع خلال سنتين.

 

وهي شعبة أنشئت إذ ذاك لتستجيب لحاجات التكوين السريع، التي تحتاجها بلدان المجموعة الفرنسية الإفريقية، في المجال النظري بالنسبة للأطر التي حصلت على خبرة إدارية جيدة.

 

وتألفت المجموعة الأولى التي تم اختيارها من محمد سالم ولد مخيطرات، أحمد ولد محمد صالح، وأحمد بزيد ولد أحمد مسكه، وكي سوماري، ومام لي، والدي ولد إبراهيم، ومحمد الأمين ولد حامني، وسيدي محمد ولد عبد الرحمن.


عادت تلك النخبة من الإداريين، لتكون نواة الإدارة وتشرع في رسم السياسات والنظم العمومية.

 

وعيّن محمد سالم أول مدير عام للخزينة العامة بالمنتبذ القصي.

 

فوضع أسس النظام الإداري المالي، متخذا الإجراءات الاولى للاستقلال المالي عن الخزينة الفرنسية.

 

ثم عيّن وزيرا للصيد، فوضع أسس أول سياسة وطنية للصيد.

 

ثم عيّن وزيرا للداخلية، فسعى لتنظيم الأقاليم الوطنية، وتطوير العمل الاداري في إدارة السكان.

 

وكان رحمه الله هو صاحب فكرة إنشاء شركة "سونمكس"، التي كفت المواطنين مؤونة المواد الأساسية والضرورية وبأسعار مناسبة.


ظل محمد سالم يعمل في خدمة الدولة والمواطن بكل جد وإخلاص ونكران للذات حتى أتاه التقاعد.

 

وقد قال عنه الرئيس المؤسس أبو الأمة المختار ولد داداه مقولته المشهورة..

 

"محمد سالم من القلائل الذين يقنعون المرء أن الورع في الدين والأخلاق، يمكن أن يجتمع مع الكفاءة في السياسة والإدارة".

 

وبعد التقاعد انهالت عليه العروض، إلا أنه في ظل حكم العسكر، وما صاحبه من استشراء للفساد، واستباحة للمال العام، آثر العمل خارج المنتبذ، فعمل في شركة الخطوط الافريقية في آبيدجان بساحل العاج.

 

ثم عاد للمنتبذ، فاختاره صديقه سيدي محمد ولد عباس رحمه الله، مستشارا لهيئة أرباب العمل.

 

عرف محمد سالم في حياته المهنية بالكفاءة والانضباط.

 

وحين تقاعد، تفرّغ للعبادة والعلم وخدمة الناس.

 

وكان قليل الكلام، لأنه يدرك أنه "لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ" فكان لايتكلم إلا فيما ينفع الناس.

 

له قصص كثيرة في الورع والانضباط..

 

منها أنه كانت لديه سيارة وبعد مدة باعها، لكنه لورعه رجع للمشتري وطلب منه أن يجرب أضواءها لأنه كان لايتحرك بها ليلا وبالتالي فهو لم يجرب أضواءها.

 

وكان صارما في مواعيده ونظام حياته.

 

ذات مرة لم يتوقف عند لوحة مرورية عليها علامة "قف".

 

وعندما انتبه، رجع إليها ووقف عندها.

 

فقال له مرافقه .. لقد تجاوزتها، فلماذا الرجوع إليها والتوقف عندها مرة ثانية ؟!

 

أجابه محمد سالم .. أخاف أن أعتادها.


ومن الطريف أنه ذات مرة تعاقد مع راع، وشرط عليه أن يكون موعد حلبه الثامنة مساءا، وأن لايتجاوزها.

 

فقال له الراعي البدوي..

 

أنا لا أعرف الثامنة، فاشترى له ساعة.

 

فلم يعرف الراعي استخدامها.

 

فقال له..

 

الثامنة أن تكون هذه الإبرة الصغيرة هنا، وهذه الكبيرة هنا، وعندها تكون أنت هنا.


يقول أحمد ولد محمد فال ولد البناني..


محمد سالم باختصار *** سيرة حياتُ راعيهَ
كفّتْ خيرُو يخدمها كان *** دايرْ جهدُو كان اعليهَ
ماليهَ بالبر والاحسان *** والكفّه لخرَه كافيهَ


ويقول دمّين ول الداهى..


ما خصّر من عمرُ رمْشَ *** فالدنيَ محمد سالم
ادخلهَ مُسالم وامشَ *** يعطيه الرحمه مسالم

 

وعما تبقى من حميد خصاله ::أرى الصمتَ أولى بي من أن أتكلما..

 

 

 

كامل الود

‏إكس ولد إكس إكرك‏

تابعونا على الشبكات الاجتماعية